14- 6- 2018
رغم سأمنا من الحديث عن الفساد، خاصة بعد أن فقدنا أمل التعاطي الجدي تجاه معالجته، نتيجة افتقار الجهات المعنية لإرادة اجتثاث رموزه، إلا أن ثمة ما يحرضنا دائماً على تقليب الصفحات السوداء لهذا الملف عسى أن يتحرك الضمير الحكومي من سباته..!
ففي الوقت الذي يتحدث البعض عن مئات الملايين من الليرات السورية التي تضيع على الخزينة العامة للدولة سنوياً نتيجة الفساد، هناك من يتحدث عن مليارات تذهب سدى بغطاء قانوني يضمن عدم المحاسبة لاحقاً، وهناك من لا يستطيع حصر الرقم معتبراً أنه يفوق الخيال، ويحمّل الأجهزة الرقابية مسؤولية عدم المتابعة والمحاسبة، الأمر الذي جعل كرة المليارات تكبر شيئاً فشيئاً..!
طالما واظب هذا الملف على استفزازنا بين الفينة والأخرى، سواء لجهة وقاحة رواده الذين لا يتوانون عن إشهار فسادهم بمشهد أقرب ما يكون للمفاخرة، أم لجهة حجم المال العام المسلوب عبر ثغرات برع محترفو اللعب على القانون بتوسيعها..!
وآخر ما حرر من هذه الاستفزازات هو اتساع دائرة الهدر.. إذ يهمس أحد المفاصل الحكومية في جلسة بعيدة عن الإعلام وأضوائه أن نسبة الهدر في الدولة خلال إحدى سنوات ما قبل الأزمة وصلت إلى 30%، فما بالكم خلال سنوات الأزمة حيث تراخي الأجهزة الرقابية، وازدياد حالات غض الطرف هنا، والبصر هناك..!
ونعتقد أن أهم عامل من عوامل الهدر هو وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب، خاصة في حال وجود نوايا مبيتة لتأهيل من وضِعَ في غير مكانه ليكون أحد الرموز الفاسدة من خلال منعها للخبرات المؤهلة من أخذ دورها الحقيقي، وتعطل سيرورة العمل الحكومي والإداري..!
يبقى الأساس في قمع الفساد الذي لم يعد يقتصر على كونه ظاهرة وإنما تعداها ليصبح ثقافة تحكم سلوكيات المجتمع برمته، هو الرادع الأخلاقي والضمير الإنساني الحي بدليل أن محدودية الرشوى في الدول المتقدمة سببها بالدرجة الأولى أخلاقي، وعلى اعتبار أن الأخير موجود من الناحية النظرية دون أن يفعل عملياً.. وقبل أن نختم ندعو الحكومة لتفعيل أجهزتها الرقابية والمحاسبية، وعدم التواني عن إنزال أقصى العقوبات بحق الفاسدين إلى جانب نشر أسمائهم في وسائل الإعلام ضمن قائمة سوداء تفضح ممارساتهم اللا أخلاقية، مهما كبرت صفتهم..!
فهل تفعلها الحكومة وتنبش ملفات كبار الفاسدين خاصة أولئك الذين ما يزالون على رأس عملهم..! البعث