جاء قرار المركزي التريث في الإقراض خطوة في غاية الأهمية لتقييم اتجاهات الإقراض في ظل توقف الاعمال التجارية والمصانع واغلاق الحدود الذي يؤكده رجال الاعمال في كل مناسبة ويطالبون باعفاءات وتسهيلات وتأجيل استحقاقات عليهم.
فطوال الأشهر الماضية ومنذ بدء كورونا ورجال الأعمال يتحدثون عن توقف الصناعة والانتاج وصعود الدولار وإغلاق الحدود والحصار … الآن .. طالما أن كل شيء متوقف ولايوجد نشاط إنتاجي , وقامت الكثير من المعامل والمنشآت بتسريح عمالها وفقا لما صرح به التجار والصناعيين أنفسهم، إذا أين يذهب رأس المال العامل” التسهيلات الدوارة ” وبماذا يتم استثمارها اذا كان كل شيء متوقف ؟ ولماذا استمر الكثير من التجار والصناعيين بالحصول على التسهيلات الدوارة ودفع فوائد عليها تصل الى 16 % إذا لم يكن هناك استثمار او تشغيل معين لها ويدر عليهم أرباح بأضعاف الفوائد التي يدفعونها ..
أمام هذا الواقع نؤكد أنه من حق المركزي ” الحريص على مال البلد ” أن يعرف ويقيم اتجاه رأس المال العامل ” التسهيلات الدوارة ” واين يتم استثماره خاصة وأنه استشعر أنه ربما يتوجه هذا المال العامل نحو غير مبتغاه .. الى المضاربة مثلا ” ودون أن نعمم ” نعم تذهب الى المضاربة بالليرة وهو ماجرى الحديث عنه اكثر من مرة من قبل رؤساء غرف معروفين .
أمام هذا الخيار كان لابد للمركزي وفي خطوة ذكية أن يوقف الإقراض بشكل مؤقت للتأكد بأن الأموال لم تذهب الى المضاربة , وبالتالي فسح المجال سريعا لإعادة توجيه مئات المليارات من الليرات نحو الاقتصاد الصحيح عندما تعود الأمور الى طبيعتها وتفتح الحدود ويعود النشاط الاقتصادي . مع الاشارة هنا إلى أن ” التسهيلات الدوارة” هي رأس عامل من المفترض انه يذهب الى النشاطات الانتاجية , ولكن طالما ان النشاط التجاري والانتاجي قد توقف منذ بدء ازمة كورونا كان لابد من البحث عن هذا المال واين يستثمر ..
مرة أخرى نقول من حق المركزي ان يعرف اين تذهب هذه التسهيلات حتى يتمكن أصحابها من دفع الفوائد العالية التي تصل الى 16 % , ببساطة سبب توقيف القروض والتسهيلات بشكل مؤقت هو لمنع توجيهها الى المضاربة بالليرة وهو ماتم الحديث عنه على لسان أكثر من رجل اعمال سوري معروف عندما نبهوا الى ان هناك إقراض يذهب الى المضاربة وليس كما يحاول البعض تصوير ايقاف الاقراض على أنّه كارثة على الانتاج , خاصة وأنّه قيل بوضوح بأن الاجراء مؤقت ؟.
والسؤال هنا : هل هناك من يعترض اذا تم الوقوف على مبتغى هذه التسهيلات الدوارة وكيف تم استثمارها وهل هناك من سيعترض على توقيف من يستثمرها في المضاربة .. لانعتقد أن أحدا لا يؤيد فكرة البحث عن المجال الذي تشغل فيه التسهيلات الدوارة بينما الاقتصاد والانتاج متوقفان .. هي خطوة ذكية ستمكن المركزي من معرفة كيف يتم استثمار هذه التسهيلات وفيما إذا كان هناك فساد أو مضاربة . وفي كل الاحوال من حق المركزي تقييم أي عمل مصرفي متى أراد وفي الوقت المناسب .
وخلاصة القول أن القرار يشمل كما ذكرنا راس المال العامل ” التسهيلات الدوارة ” ولم يستهدف من اخذ قرضا لبناء معمل ولن يكون الامر عائقا أمام الاقراض الانتاجي اليوم كل الاجراءات التي يتخذها المركزي صائبة وجلها مؤقت والهدف منها التأكد من عدم تشويه حركة التسهيلات وحرفها الى اتجاه خاطئ .. وهو ما قام به كثيرون للأسف .
هامش : رغم أن القرارات التي تم اصدارها ومن بينها وقف القروض قيل بوضوح أنها اجراءات مؤقتة وأيدها مصرفيون ورجال أعمال إلا أن هناك من يحاول تسويق وقف القروض وكأنها نهاية العالم .. وفي حقيقة الامر ليس وقف القروض إلا اجراء لمنع توجيه التسهيلات الدوارة نحو المضاربة. ودائما لا نعمم ؟ سيرياستيبس