أخبار الصناعة السورية:
تتجه الأنظار بعد كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق متعددة من سورية، نحو الترميم والبناء، مع التفكير بتكاليف البناء قياساً بأسعار مواده.
متعهد بناء ومدير ورشة مؤلفة من «40 عاملاً» نسيم إبراهيم بيّن أن تكلفة إكساء المتر الواحد لشقة سكنية بمساحة 100 متر كانت قبل الزلزال تتراوح بين 800 ألف إلى مليون و200 ألف ليرة، أما اليوم أصبحت تكلفة إكساء شقة مساحتها 100 متر تتراوح بين 200 إلى 300 مليون ليرة، للبناء على الهيكل.
وأكد إبراهيم أن مخصصات ورش البناء والإكساء من الإسمنت المدعوم مع احتساب أجرة النقل تصل إلى 515 ألف ليرة للطن الواحد، بكميات 15 طناً على دفعتين كل شهر، مبيناً أن هذه المخصصات لا تكفي بناء ملحق واحد، ما يدفعهم لشراء الإسمنت (حر) كي لا تتوقف ورشهم عن العمل.
وأوضح أن سعر طن الإسمنت الحر كان سعره 550 ألف ليرة، واليوم وصل إلى 850 ألف ليرة، وقد يصل لمليون ليرة أحياناً، مشيراً إلى أن اعتمادهم على شراء الإسمنت الحر سيرفع أسعار العقار مع ارتفاع تكاليف مواد بنائه.
وأشار إبراهيم إلى أن سعر متر البحص والرمل كان قبل الزلزال 45 ألف واليوم أصبح 62 ألف ليرة، لافتاً لقيام معامل الرخام والدهان برفع أسعارهم وفقاً لسعر الصرف، إضافة لحساباتهم التجارية بالتنبؤ بالأسعار ما يجعلهم يحددون أسعار المبيع من دون التقيد بالنشرات النظامية.
وعن فرق الأسعار بتكاليف البناء وإعادة الإعمار، أوضح إبراهيم أن إكساء منزل جديد أرخص بكثير من إعادة إعماره، لأن الترميم وإعادة الإعمار يتطلب هدماً وترحيلاً أي نفقات زائدة من دون الحديث عن البناء والتدعيم، إضافة لتكاليف أجرة اليد العاملة التي تضاعفت بعد كارثة الزلزال، فقد كانت أجرة اليد العاملة بين «20-30» ألف لليوم الواحد أما اليوم العامل لا يقبل بأقل من 50 ألفاً في اليوم الواحد.
وعن حركة سوق العقارات لفت إبراهيم إلى تراجع مبيع العقارات، وخاصة بعد كارثة الزلزال، فأصبح سعر المتر الواحد على الهيكل يتراوح بين مليونين و800 ألف وحتى 4 ملايين.
بدوره الخبير في الاقتصاد الهندسي الدكتور محمد الجلالي أوضح أن أسعار العقارات ليست مرتفعة، لكن المشكلة تكمن في الرواتب والأجور، مبيناً أننا دوما عندما نوصف مشكلة بشكل غير صحيح ستقودنا لمحاولات غير صحيحة للحل.
وأكد جلالي أن السعر في الاقتصاد يحكمه عاملان العرض والطلب، العرض تحكمه الكلفة التي لا يمكن تخفيضها لارتباطها بالأسعار العالمية، فإن أردنا اليوم مثلاً تخفيض تكلفة طن الحديد فإننا لن نستطيع لأن سعره العالمي 6 ملايين تقريباً، كما أن صناعة الإسمنت يحتاج إنتاجها إلى وجود طاقة كبيرة، أي مازوت وفيول بالتالي فإن أسعار مكوناته لا نستطيع التحكم بها.
وأوضح الجلالي أن المشكلة في الدخل، فلا يمكن القول إن المشكلة ارتفاع الأسعار ونقف عندها، ولا بد من مقارنة ارتفاع الأسعار بتراجع الدخل، وإذا قارنا أسعار العقارات بدخل الفرد، وقارناها بعام 2011، نجد أن أسعار العقارات بالليرة الثابتة لعام 2011 هي أقل من العام الحالي، وقد تراجعت «20-30» بالمئة، في حين الدخول نعجز عن احتساب تراجعها بين العامين «2011-2023»، كما أصبح من المستحيل لدخول السوريين المقيمين في سورية العاملين في القطاعين العام والخاص أن تؤمن لهم امتلاك عقار.
وبين أنه في عام 2011 كانت القدرة الشرائية مرتفعة، ولو تملك المواطن منزله من قرض أو جمعية سكنية، فإنه يستطيع سداد أقساطها من دخله من دون أن يتأثر أجره، وبحسبة صغيرة كان راتب الموظف في القطاع العام بين «20-30» ألف ليرة، وعامل القطاع الخاص بين «60-70» ألف ليرة، وكان طن الحديد 35 ألف ليرة، وهو اليوم 6 ملايين ليرة.
وأضاف جلالي: «ضمن موازنة الأسعار، راتب الموظف سابقاً كان يساوي نصف طن حديد، وعليه يجب أن يكون راتب الموظف 3 ملايين، مبيناً أن الحديث بارتفاع أسعار العقارات أمر غير مجد وسيشكل ضغطاً على مستثمري العقارات الذين هم فعلياً غادروا هذا الاستثمار، فأسعار العقارات قياساً بتكاليف أسعار المواد ليست مرتفعة والحل هو رفع مستوى الدخل.
الوطن