يشهد سوق الإسمنت في سورية استقراراً واضحاً في هذه الأيام، حيث تنتج المؤسسة العامة للإسمنت، بحدود (4) ملايين طن في العام حالياً بعد انضمام شركة اسمنت الرستن إلى سلسلة المصانع المستمرة في الإنتاج فقبل استعادة هذه الشركة من براثن الإرهاب مؤخراً كان إنتاج المؤسسة – حسب مديرها العام طلال ابراهيم – يصل إلى (3,6) ملايين طن.
إنتاج مختلف شركات المؤسسة – قبل الأزمة في سورية – كان يصل إلى خمسة ملايين طن، غير أنّ المجموعات الإرهابية المسلحة استهدفت ما استطاعت استهدافه من شركات الاسمنت الحكومية التي كانت هدفاً لتخريبهم وتدميرهم الممنهج، فخرجت عدة مصانع اسمنت من الخدمة والإنتاج، كشركة الرستن، وشركة الشهباء، والشركة العربية لصناعة الاسمنت في حلب، وفيما عادت الرستن للعمل بجهود العاملين فيها، فإن الشهباء والعربية تعرّضتا للنهب والتخريب، ولا تزالان خارج الخدمة.
بكل الأحوال فإن ما تنتجه المؤسسة حالياً من الاسمنت، من شركات عدرا، وطرطوس، وحماة، والرستن أخيراً، هو كافٍ لحاجة السوق المحلية، مثلما أوضحت مؤسسة الاسمنت، ولذلك تمّ إيقاف الاستيراد، فيما تتولّى مؤسسة العمران تسويق 75% من الإنتاج، في حين تسوّق مؤسسة الإسمنت 25% الباقية من الإنتاج بشكلٍ مباشر، وهي تشعر بالاستقرار، ولاسيما أنها تحتفظ بكميات احتياطية كبيرة من الكلنكر تصل دائماً إلى حدود ( 3 ) ملايين طن جاهزة للطحن، ولا تحتاج إلا لبعض الإضافات الجاهزة حسب إدارة المؤسسة.
ولكن ومع البدء بعمليات إعادة الإعمار، فإنّ الحاجة للإسمنت سوف تزداد كثيراً، ومصانع القطاع الخاص متوقفة حالياً باستثناء مصنع واحد في ريف دمشق الشرقي لا ينتج سوى جزءاً بسيطاً من طاقته، ما يعني أن الكميات المنتجة الآن، والكافية في الوقت الحالي، قد تصبح غير كافية بعد حين، مع اشتداد الطلب.
من هنا تأتي أهمية مصانع الاسمنت التي تُرخّص للقطاع الخاص، والتي ستقوم بسدّ الفجوة الإنتاجية المحتملة، حيث ستقوم بإنتاج كميات كبيرة تضاهي ما تنتجه مؤسسة الاسمنت.
وبهذا الصدد تقوم هيئة الاستثمار السورية، بتشميل العديد من المشاريع الجديدة لصناعة الاسمنت الأسود، بكل أنواعه ومواصفاته العالمية، لدعم سوق الإسمنت الداخلي في سورية، أو ربما لتصديره فضلاً عن الطلب الشديد المتوقّع مستقبلاً لهذه المادة التي ستدخل بقوّة كواحدةٍ من أهم مواد إعادة الإعمار.
ومؤخراً قامت الهيئة بتشميل مشروعين لصناعة الاسمنت ينتجان (3) ملايين، و(750) ألف طن، وهما مشروعان مشمولان بأحكام المرسوم التشريعي رقم ( 8 ) لعام 2007 بحيث يستفيدان من الإعفاءات والمزايا والتسهيلات الواردة فيه، ويخضعان لأحكامه.
وقد أوضح قرار التشميل للمشروع الأول أنّ المعطيات الأوليّة له، توقّعت وصول الطاقة الإنتاجيّة السنوية إلى ( 2 ) مليون طن، كما أنّ هذا المشروع الذي يستقطب ( 1500 ) فرصة عمل من المفترض أن يجري تنفيذه خلال ثلاث سنوات من الآن، وذلك في محافظة دير الزور.
أمّا قرار التشميل الثاني، فقد أوضحت بياناته ومعطياته بأنه سيقوم بإنتاج مليون و 750 ألف طن من الاسمنت الأسود المعبّأ سنوياً، ويستقطب ( 550 ) فرصة عمل، على أن يكون التنفيذ كذلك خلال ثلاث سنوات من الآن، ولكن في محافظة ريف دمشق، وهناك خارطة جيولوجية تتيح المجال لإقامة العديد من مصانع الاسمنت الأخرى، فالمادة الأولية متوافرة بشكل كبير، ولكن الأنظار تتجه أكثر نحو حبل البشري في دير الزور، فمؤسسة الاسمنت تشجع إقامة المصانع الخاصة هناك أكثر، نظراً لتوفر المادة الأولية بشكلٍ واسع، ولما يمكن لهذه المصانع أن توفّر فرص العمل لأبناء محافظة دير الزور.
وكانت قرارات التشميل قد اشترطت على المستثمرين، أن يلتزموا بتقديم صفحة الاحتياجات لموجودات المشروعين المذكورين، قبل ثلاثين يوماً من بدء الاستيراد، لتصديقها من قبل وزارة الصناعة، والحصول على الإعفاء الجمركي من النافذة الواحدة على أن يلتزم المستثمرون بتقديم صفحة التكاليف الاستثمارية لمشاريعهم إلى الهيئة لاعتمادها عند تنظيم السجل الصناعي في حين تُمنح وسائط النقل الخدمية حسب الواقع التنفيذي، ومن مديرية الصناعة المختصة على أن تُعْلَم هيئة الاستثمار بوسائط النقل الخدمية المنفذة إضافة إلى التقيد بشروط وتعليمات وزارة الصناعة، واستخدام المواد الأولية ضمن المنشأة حصراً، وتنفيذ المشروعين بشكلٍ كامل، بدءاً من إنتاج الكلنكر، وانتهاءً بالطحن والتعبئة.
وأكدت قرارات التشميل على الالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء المتعلق بالترخيص للقطاع الخاص، بالاستثمار في مجال الاسمنت من حيث رسم الإنفاق الاستهلاكي، والتسعير الداخلي، والتصدير وأسعار الطاقة الكهربائية، والغاز، والوقود، وحق الدولة بالمواد الأولية وغيرها.