أخبار الصناعة السورية:
عانى السوريون لسنوات طويلة من النظام الضريبي الذي كان سائداً في عهد النظام المخلوع، حيث صُمّم لحماية مصالح كبار التجار ورأسمالية المحاسيب التي كانت تهيمن على البلاد؛ فأعفى النظام بذلك أصحاب الثروات المرتبطين بالسلطة من المساءلة.
في حين أرهق كاهل صغار التجار والصناعيين بضرائب تُفرض دون معايير واضحة، الأمر الذي أدى إلى هجرة آلاف الصناعيين والتجار من البلاد.
اليوم، وبعد التحرير تغيرت الظروف الاقتصادية، أسئلة ملحة تطرح اليوم في إطار الإصلاح الضريبي، لجذب استثمارات سورية وخارجية.
حول التساؤلات المطروحة في سياق الاصلاح الضريبي، شدد الخبير الاقتصادي الدكتور ياسر اكريم، أولاً على أهمية تحقيق المناخ الأمني في سوريا لانطلاق عملية النهوض الاقتصادي وإنجاز الاستثمار، وقال: الجو الأمني جيد لا إشكال عليه، وبيئة مناسبة لانطلاق الصناعة والتجارة والاستثمار فيهما.
وأشار أكريم إلى نجاح الحكومة السورية في إحلال الأمن، وتهيئة الجو المناسب للاستثمار الأجنبي، والضرائب لم تعد عائقاً، وهناك دعم للصناعة وأصبح دخول المواد الأولية دون جمارك، ولفت إلى أن المرحلة القادمة ستشهد صدور قانون للضرائب يكون مناسباً ومنطقياً وجاذباً للاستثمار، مبيناً أن الحكومة تقوم باستشارات مكثفة كي يكون قانون الجمارك منطقياً ملائماً لصالح الجميع، ويساعد على الاستثمار.
المستثمر الداخلي
وتابع: أن الأهم من الإعلام والأهم من الإعلان وأي شيء خارجي لجلب المستثمرين، هو إنعاش المستثمرين المحليين، وتكمن الأهمية في التركيز على المستثمر المحلي، لأنه غالباً لا يأتي كثير من المستثمرين الأجانب إلى أي بلد إلا بناء على دعوة من المستثمر الداخلي. لافتاً إلى أنه إذا كان المستثمر الداخلي الذي صبر 15 عاماً، ما لم يعد بناء نفسه من الداخل، فالصورة الخارجية له ستبقى مشوهة، لذلك يجب الاعتماد في البداية على المستثمر الداخلي، وخاصة إذا كانت له سمعة و اسماً قديماً في الاقتصاد السوري.
وتساءل أكريم عن أصحاب الأسماء الكبيرة في الاقتصاد السوري، أين هم الآن؟ وماذا فعلت الحكومة باتجاههم، وهل قامت ببرنامج لعودتهم إلى وطنهم؟.
مشيراً إلى أن السعودية عندما بدأت بالاستثمار لم ترض بأن يأتي المستثمر الخارجي، إلا إذا كان معه شريكاً من الداخل (السعودية)، وكذلك الأمر بالنسبة للإمارات.
ولفت أكريم إلى طريقة تطبيق ذلك في سوريا بعد تحسن الوضع الأمني والاقتصادي، وأن أي ربح للمستثمر الخارجي يجب أن يعود جزء منه للمستثمر الداخلي، وهو ما يحصل في الإمارات والسعودية، ورأى أكريم أن نجاح المستثمر الداخلي وربحه أمر مهم ومساعد لتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية، لكن بشرط في البداية أن يكون المستثمر الخارجي مرتبط بالمستثمر الداخلي.
وقال: عندما يكون المستثمر الداخلي رابحاً، فهذه صورة كافية لتصدير الفكر، ودعوة المستثمرين الخارجيين سوريين كانوا أم أجانب أن يأتوا إلى سوريا، فالتربة مهيأة للاستثمار.
ونوه أكريم أنه إذا لم يكن المستثمر المحلي مقتنع، لا يمكن أن يكون هناك استثمار خارجي في البلاد، وقال: التجارة شطارة، وفي التجارة أو الاقتصاد ليس شرطاً الاعتماد على شركات كبيرة، لأنها شركات معدودة عشرة أو مئة، بينما الشركات أو المؤسسات الفردية فهي بالآلاف، لذلك يجب التعامل مع البرجوازية المحلية، التجار المحليين وإعطائهم فرصاً رابحة، لأنهم كفلاء بأن يأتوا بالمستثمرين الخارجيين من أقاربهم، ومن الخارج من معارفهم وما شابه ذلك.
وأوضح أكريم أنه لا يمكن الحديث عن الضريبة، إلا عند صدور قانون الضرائب، مؤكداً أنه مع اقتراح صفرية الضريبة، وأنه اقترح من قبل فرض ضريبة صفر، لأنها تؤدي إلى الانفتاح المباشر، وجذب الاستثمارات الأجنبية بكثافة، وتأتي إلى سوريا رؤوس أموال كبيرة، وتحقق قفزة نوعية وكبيرة للاستثمارات، لافتاً إلى أن ما حصل في تجربة السعودية والإمارات فرصة يمكن الاستفادة منها عندما شجعتا المستثمرين الأجانب، وهو ما حصل أيضاً في أيرلندا وأوروبا وكذلك في هونغ كونغ التي عملت على خفض الضريبة في البداية للاستثمار فيها منذ السنوات الأولى.
استشارات واسعة
واقترح أكريم أن الإجراء المبدئي في خطوة الحكومة لجذب استثمارات خارجية، يبدأ بأن تكون ضريبة الصفر في البداية لتشجيع رؤوس الأموال التي ستتجه نحو سوريا.
وقال: نتمنى من أصحاب الفكر والسياسات والقرار الذين يضعون السياسات، مناقشة ضريبة الصفر، ولدي دراسة كاملة كيف تكون ضريبة الصفر، وتكون الفائدة لجهة الحكومة ولجهة الدولة أكثر من تطبيق الضريبة العادية.
وبين أكريم أن صياغة قانون للضرائب واستشارة القطاع الخاص به كانت خجولة، وأنه تمت استشارة للبعض وترك الباقي، داعياً إلى قيام حوارات بشأنه على وسائل الإعلام وفي غرفة التجارة أيضاً، وتصدر توصيات وقرارات، منوهاً بأن ما حدث غير كافٍ، ولا بدّ من استشارات مع من نتفق معهم ومع من نختلف معهم من أصحاب الفكر الآخر حتى تكون الدراسة واقعية ومحاطة إحاطة كاملة.
ورأى أكريم أنه على الحكومة إجراء المزيد من الاستشارات ودراسة الأمر أكثر، وضرورة تعزيز العلاقة مع المستثمر وتقويتها من خلال زيارات مفتوحة، والتواصل مع مستثمرين أجانب ورجال أعمال سوريين وتأمين فرص اللقاء والتواصل معهم ضمن جو صحیح وسليم، لا أن تكون الحكومة شريكاً في كل شيء، هذا الأمر ليس سویاً، ولا بدّ أن تعطى أهمية للقطاع الخاص ويأخذ دوره في إقامة وتعزيز العلاقات مع المستثمرين.
صفرية الجمارك وإضافة الى صفرية الضرائب
دعا أكريم إلى صفرية الجمارك، لأن ذلك سيؤدي إلى تحفيز للمستثمرين، وقال: لو وضعنا صفرية الضرائب وصفرية الجمارك لمادة الرز مثلاً، سيقوم كل تجار الرز بتخزين هذه المادة في سوريا، لماذا يخزنون في الأردن أو لبنان، لماذا لا تكون سوريا هي الأقوى؟.
مضيفاً: لا يهم أن نرى الجوار ونقوم بتقليده، ليس هذا منطقياً في التجارة، لماذا لا تكون سوريا حافزاً وجاذباً للمستثمرين، فبعد انخفاض جمارك السيارات الآن، باتت التربة صالحة وكذلك الإجراءات، ومن الممكن أن تكون سوريا مصدراً للسيارات في المنطقة، ويقصدها من الدول المحيطة لشراء السيارات.
وختم بالقول: لماذا لا تكون سوريا رائدة في موضوع شراء السيارات، أرى باستمرار أن تكون سوريا صفرية في الضرائب والجمارك.
الوطن
اقرأ أيضاً: لؤي الأشقر: النظام الجديد للاستثمار في المدن الصناعية يعتمد نهجاً متوازناً يجمع بين الحوافز والضوابط
صفحتنا على الفيسبوك: https://www.facebook.com/1462259130470900?ref=embed_page
قناتنا على التلغرام: https://t.me/syrianindstrynews