القطاع العقاري بانتظار فك سلاسل التعقيد.. تجديد التشريعات قاعدة الانطلاق

أخبار الصناعة السورية:

تأخذ إعادة تشكيل القطاع الأكبر والأكثر إشكالية محلياً وهو القطاع العقاري اتجاهين: الأول اتجاه المخاوف، والثاني اتجاه الاهتمام والتفاؤل.

المخاوف من أن ما يجري على الأرض من إحجام عن تطوير القطاع العقاري أو إعطائه شكلاً قانونياً جديداً جاذباً للاستثمار يزيد الوضع تراجعاً وإحباطاً، أما الاتجاه الآخر فهو أن هناك جهوداً لجعله قائماً في سياق السعي لتغيير التشريعات وإعادة التنظيم وإطلاق حزمة من التسهيلات تضخ الدماء في عروق هذا القطاع قبل تحوله إلى جثة هامدة.

سلسلة من التعقيدات أحاطت بهذا القطاع الذي كان من الممكن له أن يسير قدماً باتجاه التطوير والعمران قبل الحرب على بلدنا، لكن ما جاء لاحقاً من حرب وتخريب وعقوبات فرضت قوانين جديدة من حبس السيولة وغيرها، ما أرهق هذا القطاع، وبدت شركات التطوير العقاري الموجودة على قلتها وإمكاناتها المحدودة مكبلة غير قادرة على تحمل المخاطر، بينما بقيت البنوك أيضاً بعيدة عن هذا المجال إلا ما ندر منها.

والآن سيكون بأيدي أصحاب القرار العمل على تغيير الأرضية الحالية لهذا القطاع من قوانين وأنظمة تتلاءم مع المرحلة المقبلة، فهو من جهة قطاع إسكاني مهم، ومن جهة أخرى له وجه اقتصادي داعم للاقتصاد الوطني.

تعقيدات كبيرة

يؤكد الباحث الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس أن هذا الموضوع فيه تعقيدات كبيرة جداً، حيث القطاع العقاري يعد الأكبر بكل القطاعات على مستوى العالم، ويشكل داعماً أساسياً للاقتصاد، لذلك تجاهل  الاستثمار فيه هو خطأ بحق الاقتصاد الوطني لأي بلد، لافتاً إلى أن  القطاع العقاري مقسم إلى قسمين: قسم قطاع العقارات الإيجارية،  وقسم القطاعات المملوكة، ويشكل القطاع العقاري الإيجاري بين 80 و81% من حجم القطاع العقاري في معظم بلدان العالم، وهو مهم جداً لكل الدول وخاصة  الدول التي فيها تعداد سكاني عال.

غياب الرؤية

ووجد الجاموس أنه حتى اليوم لا توجد رؤية لتطوير القطاع العقاري الوطني، ويمكن القول إنه مهمش ومتجاهل ولا يحظى بالأولوية المطلوبة، وأكبر دليل على ذلك التشريعات والقوانين المحلية الناظمة لهذا القطاع.

ومن هذه السياسات ما يسمى سياسات حفظ السيولة، وصعوبة نقل جزء من قيمة العقار أو من العقار عند البنوك، والصعوبة بعملية نقل الملكية هو ما يسمى القيمة الرائجة التي مهمتها الأساسية التحصيل الضريبي على حساب تسهيل عمليات نقل الملكية، وأيضاً الصعوبة بعمليات الرتابة والروتين وعدم الأرشفة، وعدم إدخال النظام الإلكتروني في عملية عقود الإيجار ونقل الملكية، ووصف الوضع  بالمعقد  في ظل التعقيدات التي تتعارض مع تنشيط القطاع العقاري والاستثمار فيه، بل الأولوية هي الحصول على ضريبة.

وأكد الجاموس أن لكل مرحلة قوانينها، ونحن بمرحلة أزمة وهذه قوانينها، وعندما نكون بمرحلة إعادة الإعمار أيضاً تكون لها  قوانينها، وعندما نصل إلى مرحلة الازدهار الاقتصادي تكون هناك قوانين خاصة، وفي مر حلة الكساد الاقتصادي أيضاً لها قوانينها، وعندما تبدأ الأمور بالتحسن أولاً نعمل على تغيير القوانين والتشريعات وتنشيط القطاع العقاري بما يتوافق مع المرحلة، ويجدد الجاموس أن نقطة البدء تبدأ بتغيير القوانين والأنظمة الخاصة بهذا القطاع.

لا توجد شركات قوية

وعن شركات التطوير العقاري وضرورة تفعيلها لتكون فاعلة أكثر بيّن الجاموس أنه لا توجد شركات تطوير عقاري بمعنى شركات قوية قادرة على إنتاج ما يحتاجه السوق، فقبل الحرب على بلدنا كانت الأولويات في القطاع العقاري تأخذ اتجاهاً نحو التشجيع على العقارات النوعية، أما الآن فقد تغيرت الأولويات، لتتحول الأولوية اليوم إلى ضرورة حل مشكلة الإسكان.. وشركات التطوير العقاري المقصود منها بيع وحدات قيد الإنشاء، واليوم لا يوجد إغراء لهذه الشركات لإنشاء وحدات جديدة وبيعها إلا ما ندر في بعض المناطق، لذلك يجب تغيير القوانين لتشجيع المستثمرين المحليين بالقطاع العقاري ودعم شركات التطوير العقار، وتوجد تجارب سكنية جيدة في سورية مثل ضاحية قدسيا، وتعد تجربة تقلل الضغط عن المدن الكبيرة.. وهذه المشروعات تحتاج إلى شركات تطوير عقاري قادرة على إنشاء هذه الضواحي والمناطق، لذلك فإن الداعم الأساسي لهذه الشركات هو القطاع المالي، أي البنوك وشركات التأمين، التي من الصعب أن تكون رافداً لهذه الشركات في ظل القوانين الموجودة والسياسات المتبعة من البنك المركزي.

المخاطرة

وتحدث الجاموس عن عامل المخاطرة، حيث أينما وجد قطاع مالي قوي وجد اقتصاد قوي، واليوم قطاعنا المالي ضعيف، وأصبح أضعف في ظل سياسات حبس السيولة وتعقيد الإجراءات المالية والنقل والتحويلات، لذلك هذه الشركات وأصحابها يرفضون أن يتحملوا عامل الخطورة..

وبالتالي عندما تكون هناك قروض تدعم هذا التوجه، وتدعم أيضاً قروض القطاع العقاري كما أغلب دول العالم، حيث أغلب القروض هي قروض عقارية حتى وصلت في مرحلة من المراحل إلى أنه تم منح قروض للمطورين العقاريين بقيمة تقريباً 95% من قيمة للوحدة العقارية وذلك في بعض الدول ولكن هذا سبّب لاحقاً ما سمي أزمة الرهن العقاري، ولكن كانت النية هي أهمية هذا القطاع، وحل المشكلات السكنية، لذلك شركات التطوير العقاري غير قادرة على الاستثمار أو حرية الاستثمار أو الاستثمار بأمان مادام القطاع المالي عليه ضوابط وغير قادر على دعم توجهات هذا القطاع وهذه الشركات.

البنوك بعيدة

وبالنسبة لدخول البنوك قي القطاع العقاري وإنشاء شركات تطوير عقاري، رأى الجاموس أنه ليس من مهمة البنوك إحداث شركات تطوير عقاري، وإن كانت بعض البنوك الإسلامية في بعض الدول تكون شريكة في شركات تطوير عقاري وإحداث وحدات عقارية.

اليوم البنوك المحلية الخاصة تأسست عام 2006، والوقت المتاح لها قبل الأزمة كان خمس سنوات لتطوير وتكوين حجم ايداعات يسمح لها بعملية دعم القطاع العقاري لمدى طويل،  حيث ما يميز التمويل العقاري أنه طويل المدى  من 10 إلى 15 عاماً، وبالتالي لم يكن لديها الوقت الكافي لتكوين هذه الإيداعات، وجاءت الأزمة وأصبحت البنوك محدودة التصرف ومحدودة الإيراد ، وحجم الإيداعات كان منخفضاً، لذلك لا يمكن للبنوك أن تشكل شركات تطوير عقاري، والبنوك الخاصة في سورية يمكن أن تكون رافداً بسيطاً لهذا القطاع، والقول إن خزائنها مملوءة بالأموال،  يقول الجاموس: أعتقد ذلك، لكن يعني أنها  تلعب دوراً في عملية ضبط سعر الصرف من خلال سياسة سحب السيولة.

إذاً يجب توجيه السيولة للإنتاج في القطاع العقاري وفقاً للجاموس، والبدء بتغيير القوانين للسماح لهذه البنوك بدعم شركات التطوير العقاري وإنشاء مشروعات طويلة الأجل.

إدارة العقارات

علم إدارة العقارات والتسويق العقاري هو علم يعمل على عملية جذب المستثمرين العقاريين وكيفية بيع العقارات، وإدارة هذه العقارات، والبحث عن أشخاص متخصصين في تقديم النصائح والحفاظ على العقار وكيفية تسويق هذا العقار.. واليوم هناك شركات متخصصة في عمليات الجذب العقاري سواء في شركات تطوير عقاري خارجية أو مستثمرين من خلال عملية إجراء الأعمال التسويقية والترويج للعقار، ودعم الفكر التسويقي لهذه العقارات.

والنقطة الأولى أن المستثمرين المحليين غير منجذبين في الظروف الحالية، فكيف نجذب المستثمرين في الخارج؟ ومن الأفكار التسويقية الجميلة جداً تسمية العقارات التي تحظى بالرواج، لكن الخطوة الأولى يجب تغيير القوانين والأنظمة وإيجاد البنية التحتية الضرورية لهذا القطاع ليكون جاذباً للمستثمرين المحليين والخارجيين.

وأشار الجاموس إلى نقطة مهمة وهي أن المغتربين السوريين ومنهم من لديه الرغبة بالاستثمار في البلد، لكن يجب جذب هؤلاء الأشخاص بعملية تبدأ من توصيف البنية التحتية اللازمة، واقترح  أن  يكون هناك 3 بطاقات  من أنواع بطاقات المستثمر على غرار ما هو موجود في مصر أو بعض الدول الأخرى، أي بطاقة مستثمر ذهبية أو ماسية أو برونزية ، وهذه البطاقة تعطي تسهيلات لحاملها سواء بإجراءات العمل، وتسهيلات الحركة المالية، ويتم تقسيم الألوان حسب حجم الاستثمار، مثلاً مستثمر بمئة مليار يحصل على بطاقة استثمار ماسية، وأقل من50 مليار يحصل على بطاقة ذهبية على سبيل المثال، مؤكداً أن الآلية موجودة ولكن يجب تغيير القوانين وسن تشريعات جاذبة لعملية الاستثمار في هذا القطاع المهم جداً .

وبالنسبة لدور الأمم المتحدة في خطط الإسكان وجد الجاموس أن هذا الأمر مرتبط بحلحلة الأمور السياسية.

وفي تصريحات صحفية سابقة  صادرة عن هيئة الاستثمار ، تم توضيح أن هناك إجراءات يتم العمل عليها بغية تنشيط القطاع العقاري وتنظيمه وتطويره بالشكل الأمثل ليحقق دوراً على الصعيد التنموي والاقتصادي، وأن عمل الهيئة مع الجهات العامة لوضع الحوافز والآليات والمحددات لقطاع التطوير والاستثمار العقاري كان طويلاً ودقيقاً ومكثّفاً، مع الحديث عن حزمة من المحفزات التي ينطوي عليها التشريع الاستثماري العقاري الجديد والذي  سيقدم حزمة تسهيلا ت من إعفاء مستوردات كل مواد البناء والإكمال من التجهيزات والمستلزمات غير المتوفرة محلياً.

 

تشرين

 

اقرأ أيضاً: رئيس مجلس الوزراء يطلب من وزير الأشغال مذكرة حول واقع الإسكان

صفحتنا على الفيسبوك: https://www.facebook.com/1462259130470900?ref=embed_page

قناتنا على التلغرام: https://t.me/syrianindstrynews

escort bursa, atasehir escort, bursa escort bayan, escort izmit, escort izmit bursa escort, sahin k porno kayseri escort eskisehir escort Google
Powered by : FullScreen