أخبار الصناعة السورية:
من المسلّم به أنه ومع كلّ محاولة تغيير في حياتنا، نجد أنفسنا في مواجهة ورفض لمثل تلك المحاولات، وخاصة إن كان التغيير يتطلّب مهارات تقنية، لاعتقادنا أن الأمر صعبٌ ومربكٌ، وذلك نتيجة طبيعية لتكيفنا مع ما درجنا عليه وتخوفنا مما هو جديد غير مسبوق، لكن ما إن يتمّ التغيير حتى نجد أنفسنا مرغمين على التعاطي معه في نهاية المطاف، متقبلين ومادحين له ولمنافعه. وهذه هي حالنا مع قرب تطبيق أنظمة عمليات “الدفع الإلكتروني” لفواتير خدماتنا، والذي سيُباشر به بداية العام المقبل 2024.
ولا خلاف حول أن تطبيق تلك الأنظمة – من حيث المبدأ الإداري والمنطق المالي – ستوفر الوقت والجهد وحتى المال، لكن هذا لا يكون على أتمّه وأحسنه إلاَّ في حال كانت لوجستيات وتقنيات وفنيات مثل هذه الأنظمة والتطبيقات مكتملة ومحققة، كي لا يكون التطبيق فيه من الضيق والتعقيد و”الكركبة” ما ينغص علينا فوائده المعلنة نظرياً، والمشكوك فيها عملياً!!
وعلى سبيل المثال، هل من الغلط أن نسأل: هل حال الإنترنت في بلدنا (مدينة وريفاً) يساعد على ما نريد توطينه من تقنيات “متطورة”؟! وهل حال وواقع الطاقة الكهربائبة وتقنينها الجائر بأحسن من خدمات شركات الاتصالات الخليوية، وبالجودة التي توفر الوقت والجهد والمال؟! ولاسيما أنه مع كلّ محاولة تنفيذ لتطبيق الدفع سيدفع المواطن أجرة الاتصال حتى وإن فشلت محاولة الوصول لنهاية التطبيق!!
وماذا عما يُقال حول وجود عمولة 3% من قيمة الفاتورة التي سيسدّدها المواطن عن طريق التطبيق؟؟!
أسئلة عديدة تُطرح، ومنها: كم المبلغ الذي سيبقيه الموظف (من لا يملك سوى راتبه فقط) في حسابه بالمصرف، كي يسدّد فواتيره كل شهرين؟! بالطبع لن يقلّ المبلغ عن 50 ألف ليرة كحدّ أدنى، علماً أن الراتب المقبوض للموظف، والذي وصل إلى السقف لا يتجاوز الـ 260 ألف ليرة؟!
كذلك ماذا سيفعل المواطن الذي لا يملك جهازاً خليوياً ذكياً حديثاً؟ وإذا امتلك نوعاً قديماً، هل تستوعب مثل هذه الأجهزة، المحدودة الذاكرة، التطبيقات الحديثة؟ وهل يستعين بجار أو صديق، أم بأحد مكاتب الخدمات التي ستكثر لأجل حصد العمولات المضمون سوقها؟!
وماذا عن إمكانية تطبيق عمليات الدفع الإلكتروني في الأرياف والقرى؟ هل يكفي ما قاله مدير مديرية أنظمة الدفع، لدى مصرف سورية المركزي، حين سُئل عن صعوبة ذلك، فقال: إنه لا يمكن البتّ بهذا بشكل نهائي، ولكن هناك ليونة وأريحية بعمليات التسديد إلكترونياً عن طريق شركتي الخليوي على مدار الـ 24 ساعة.
وليس ختاماً – إذ لا يُعرف بعد ما سيظهر بعد فترة من توطين التطبيق، حيث لا فترة للتجربة – نقول: إن في مثل هكذا إلزام للمواطن بالتطبيق وضعٌ للمغلوب على أمره في خانة اللا مهرب من شراء “موبايل” حديث، يلبي تقنيات عصرية في واقع من البنى القاصرة عن توفير الحدّ المقبول من متطلبات نجاح مثل هذه التقنيات!! فأي تناقض هذا؟!!
يبدو أن العملية برمتها، واستناداً لواقع خدمات لا مؤشرات وبيانات حول جودتها وفعاليتها وموثوقيتها، فيها من علامات الاستفهام أكثر مما فيها من حقائق العمل لما هو أفضل!!!.
البعث