أخبار الصناعة السورية:
كأن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وهيئة تنمية وترويج الصادرات التابعة لها، يعيشان في كوكب آخر، ولا يعنيهما ما تشهده الأسواق المحلية من ارتفاعات كبيرة في أسعار المنتجات الزراعية؛ وهذا ما يمكن فهمه من خلال الكتاب الذي وجهته الهيئة (المعطوف على كتاب وزارة الاقتصاد) إلى اتحاد غرف الزراعة، تطلب فيه العمل على تعميم مذكرة السفارة العراقية المتضمنة “قرار الجهات العراقية المختصة فتح استيراد محاصيل زراعية تشتمل على: الطماطم – البطاطا – الخيار – الباذنجان – الرقي – البطيخ – البصل – البامياء”، بالطريقة التي يراها الاتحاد مناسبة على مصدري المنتجات الزراعية في كافة المحافظات، وذلك لتعزيز الصادرات السورية إلى العراق، وفقا لما جاء في كتاب الهيئة!
ورغم أننا لسنا ضد التصدير وخاصة للشقيقة العراق من حيث المبدأ، لكن توجيه الهيئة الصريح بـ “بتعزيز الصادرات الزراعية السورية للعراق”، وفي هذا الوقت من العام، الذي يشهد تراجعا في إنتاج المنتجات المذكورة في مذكرة السفارة، وعلى التوازي تشهد تلك المنتجات زيادات كبيرة في أسعارها وخاصة الخضراوات والفواكه، حيث وصل، على سبيل المثال، سعر كلغ البامياء إلى أكثر من 12 ألف ليرة، وكلغ البطاطا إلى 7 آلاف ليرة، وكلغ البندورة إلى 6 آلاف ليرة، والخيار إلى أكثر من 6500 ليرة.. إلخ، في الأسواق المحلية (الشعبية وليس..)!
العراق، الذي فتح باب استيراد عدة محاصيل زراعية، نتيجة لارتفاع سعرها في أسواقه، نتلقف مذكرته لفتح باب التصدير إليه ولمنتجات أسعارها لدينا مرتفعة جدا ولا تتناسب مطلقا مع متوسط الدخل، وكأنه لا يكفي المواطن ما يعانيه من ارتفاع في الأسعار، حتى يأتي التصدير ليفاقمها ويفاقم التدهور والتراجع في القدرة الشرائية للكثير من المواطنين السوريين الذين هم في الأصل أصبحوا عاجزين عن شراء احتياجاتهم اليومية منها، وإن استطاعوا إلى ذلك سبيل، فيكون هذا على حساب الكميات التي تحتاجها أجسامنا من سعرات حرارية وفيتنامينات وغيرها، وما يعنيه ذلك من انعكاسات صحية وأعباء مادية مضاعفة!!
والتخوف من فتح باب التصدير لتلك المنتجات، هو على السواء لدى المواطن المستهلك والفلاح المنتج والتاجر المصدر، تخوف الأول من تضاعف الأسعار بحكم التجارب السابقة، وتخوف الثاني من أن تكون أسعار الشراء الحكومية غير متناسبة مع تكاليف الإنتاج، وتخوف الثالث من دفع أجور الشحن وفق أسعار السوق السوداء، وبالتالي قد لا يكون تصدير تلك المنتجات مجدٍ اقتصاديا، لأسباب عدة ومنها أن نسبة الدعم غير كافية وستكون وفقاً للأسعار الرسمية في الوقت الذي يدفع فيه المزارع والمصدّر وفقاً لأسعار السوق السوداء، وفقا لتصريح سابق لعضو “لجنة تجار ومصدري الخضرار والفواكه” في دمشق محمد العقاد.
خلاصة القول: لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون منجاتنا الزراعية على حساب احتياجات السوق المحلية ومتطلباتنا الغذائية وعلى حساب القدرة الشرائية للشريحة العظمى، وما يمكن أن يؤديه التصدير من مضاعفة الأسعار للحد الذي سيؤدي إلى تقليص المواطن لسلته الغذائية، بعد أن خفَّض كثيرا في كميتها ونوعيتها، ناهيك عن أن تصدير منتجاتنا الزراعية الغذائية بهذا الشكل غير مجد لناحية العائد من القطع الأجنبي مقارنة بالتكاليف والكميات!!.
البعث