أخبار الصناعة السورية:
لايزال تسرب الكوادر الوظيفية مستمراً في مختلف جهات القطاع العام في درعا، وخاصةً مع بروز ظاهرة التقاعد المبكر بسبب ضعف الرواتب والأجور التي لم تعد تلبي أقل متطلبات العيش في ظل تصاعد أجور نقل الركاب، والتي تأكل أكثر من نصف الراتب.
البحث عن فرصة عمل تحقق دخلاً أفضل من أهم الأسباب
البحث عن فرصة أفضل
إن هدف من يتقاعدون مبكراً يتمثل بالسعي وراء فرصة عمل أخرى في القطاع الخاص تحقق لهم دخلاً يسهم بتغطية الحدّ الأدنى من متطلبات حياة أسرهم، هذا ما أكده عدد ممن تقاعد أو يسعى وراء التقاعد، لافتين إلى أنه في حال تقييد عملية التقاعد المبكر بشروط معينة في عدد من المديريات فإن البعض قد يترك من تلقاء نفسه غير آبه بالراتب التقاعدي أو أي تعويض لتدنيه، وذكروا أنه مع تدني الدخل واستمرار تضاؤله نتيجة تضخم الأسعار سيبقى الكثيرون يسعون لترك الوظيفة.
سبب أساسي
أحد العاملين على نظام التعاقد السنوي مع مديرية التربية أشار إلى أنه تم تعيينه في الريف وعندما بدأ بالدوام عانى الويلات من تأمين نفسه بوسائل النقل ويدفع أجراً للسرفيس ذهاباً وإياباً أكثر من نصف أجره اليومي، وإن اضطر لركوب تكسي مع عدد من الركاب يذهب أجر يومه بالكامل، وكان في أغلب الأيام يصل متأخراً ولايستدرك إلا إعطاء حصة درسية أو حصتين، وهذا ما أوقعه بمشكلة مع إدارة المدرسة وقدم طلباً لإلغاء العقد لكنه لم يقبل فترك من تلقاء نفسه.
استمرار تجاهل تأمين مبيت للعاملين يفاقم المشكلة
وذكرت مهندسة أنه تم فرزها إلى إحدى المديريات العامة وهي تقيم في بلدة تبعد حوالي ٣٥ كم عن مدينة درعا فيما لا يتوفر مبيت ما يزيد عناء ونفقات الانتقال عليها، فتضطر للخروج من منزلها عند الفجر الباكر لتأمين نفسها بالسرافيس وبأجر لا يغطيه أجرها اليومي، ما يضطرها لأخذ إجازات واستراحات صحية وحتى الانقطاع أحياناً بدون أي منهما، ولا تعلم كيف ستستمر بعملها مع هذه الظروف.
معاناة المديريات
وللمديريات على اختلافها معاناة شديدة مع نقص الكوادر، فمديرية التربية تعاني نقصاً بعدد من الاختصاصات ويصعب سدّ هذا النقص من خارج الملاك لقلة من يتقدمون بسبب ضعف الأجور، ومديرية الصحة باتت تفتقر لمعظم الاختصاصات الطبية وكذلك إلى فنيي المخابر والأشعة والتحاليل، كذلك تعاني المخابز العامة من نقص العمالة وخاصة الفنية، وحال النقص في المصارف على المنوال نفسه وخاصة للكوادر الخبيرة التي أصبح معظمها يهرب لمصارف القطاع الخاص أو للعمل المحاسبي بمنشآت وفعاليات صناعية وتجارية خاصة، وفي شركة الكهرباء ومؤسسة المياه وغيرهما هناك أيضاً نقص في الكوادر وهو إلى تزايد.
انعدام التوازن
المشكلة في أن حالات التقاعد على السن القانونية أو التقاعد المبكر لا يجري تعويضها بالمسابقات، وخاصة للاختصاصات النوعية التي تحتاجها الجهات العامة، وهذا الواقع أثر على مستوى أداء تلك الجهات وخلف ضغطاً شديداً على الكوادر المتبقية على رأس عملها، وترك شكوى لدى المراجعين لتأخر إنجاز معاملاتهم وتأجيلها أحياناً لأكثر من يوم بسبب ضغط العمل، كما أن هذا الواقع أرخى بظلاله الثقيلة على فرع مؤسسة التأمينات الاجتماعية بدرعا لازدياد الكتلة المالية المطلوبة منه والمتزايدة باستمرار لتغطية رواتب المتقاعدين على اختلافهم، وخاصةً في ظل عدم التوازن بين تلك الكتلة والاشتراكات التأمينية التي ترده نتيجة ضعف التعيين وعدم التوازن بين الخارجين من المديريات (المتقاعدين) والداخلين إليها (المعينين الجدد).
التقاعد المبكر بازدياد
وبهذا الإطار أوضح مدير فرع مؤسسة التأمينات الاجتماعية في درعا عمر كنعان أن إجمالي عدد أصحاب المعاشات المستفيدين من التأمينات بدرعا حالياً يبلغ ١٣١٧٣ شخصاً، مبيناً وجود زيادة في حالات التقاعد المبكر خلال السنوات الأخيرة، وللعلم فإن عدد قرارات المعاشات على اختلافها (الشيخوخة والتقاعد المبكر والعجز والوفاة) للعام ٢٠٢٢ بلغ ١٥٤٢ قراراً، في حين أن عدد المتقاعدين في سنوات ما قبل الحرب على سورية أو خلال سنواتها الأولى لم يكن يتجاوز ال 300 إلى 400 موظف في السنة الواحدة، ولفت إلى أن أغلب الحالات الحالية تتمثل بالاستقالات قبل بلوغ السن القانونية لمن حقق شروط استحقاق المعاش التقاعدي.
التقاعد المبكر أثقل كاهل التأمينات الاجتماعية
وكشف كنعان أن ذلك أثر سلباً على إيرادات فرع التأمينات بدرعا لفقدان الاشتراكات التأمينية (حصة العامل ورب العمل) عن أولئك المتقاعدين وعدم تعويض الفاقد من الذين يتم تعيينهم حديثاً في المديريات العامة لقلتهم، أضف بالمقابل أن ذلك تطلب رواتب تقاعدية إضافية زادت من الكتلة النقدية المتوجب دفعها كمعاشات تقاعدية والتي بلغت لشهر كانون الأول الحالي ١.١٠٥ مليار ليرة سورية، وهي في تزايد مع استمرار كثرة الاستقالات، ولفت مدير الفرع لوجود تقصير في سداد عدد من الجهات وخاصة البلديات لحصة رب العمل.
تبديد عوامل الضعف
ما تقدم يستدعي الإسراع بتحسين دخل العاملين في جهات القطاع العام، والسعي بشكل جاد ومسؤول لتأمين مبيت لهم، لأنه من دون معالجتهما بالشكل المقبول فلن يتوقف نزيف الكوادر الوظيفية الذي له منعكسات سلبية بات الجميع يلمسها بشكل ملحوظ في جميع القطاعات ويعاني من تبعاتها.
تشرين