أخبار الصناعة السورية:
منذ ما يزيد على 3 أشهر، ومهمات مكافحة التهرب الضريبي قيد التجميد والإيقاف، أي إن القانون /25/ لعام 2003 الناظم لعمل الاستعلام الضريبي معطل كلياً، والسبب كما أُعلن مؤخراً أنه ريثما يتم الانتهاء من الربط الشبكي بين الإدارة الضريبية والمكلفين.
وتؤكد بعض المعطيات أن ما أنجزه الاستعلام الضريبي في دمشق وحدها من ضبوط منذ بداية العام الجاري قد وصل إلى تنظيم 154 ضبطاً، كُشف فيها عن أكثر من 570 مليار ليرة أرقام عمل أخفاها مكلفون للتهرب من تسديد الضرائب المترتبة عليهم، في حين تم تسجيل 189 ضبطاً خلال العام 2021 بإجمالي تجاوز 452 مليار ليرة، بينما نُظم 152 ضبطاً في العام 2020 بإجمالي تجاوز أيضاً 69 مليار ليرة، فالاستغراب هو سيد الموقف الآن، وربما أصبح التساؤل مشروعاً، لماذا ولمصلحة من يُوقف عمل هذا الجهاز..؟
إن نتائج عمل جهاز الاستعلام الضريبي المذكورة تشير إلى ضعف كارثي في أداء معظم المراقبين في مختلف الدوائر المالية ولاسيما مراقبي الدخل من فئة الأرباح الحقيقية، وعليه، فإن تعطيل مفاعيل وآثار قانون ناظم لأهم مديرية مالية وضريبية وهي مديرية الاستعلام الضريبي المشهود لها بإنجازات ليست خافية على أحد، قد يعطي الفرصة للمتهربين ضريبياً من استغلال إجراء ينال من مكافحة تهربهم.
وفي الوقت الذي تغيب فيه عناصر الاستعلام عن المشهد الضريبي، فإن الهيئة العامة للضرائب والرسوم تتجه إلى بناء الثقة مع المكلفين ضمن خطة وضعتها لهذا الشأن، وحتى تنفذ خطتها فقد أكدت على المراقبين في تعميم مكرر لا جديد فيه حصلت «تشرين» على نسخة منه أنه عند دراسة التكاليف الضريبية لفئة المكلفين بضريبة الأرباح الحقيقية بذل العناية المهنية الكافية للوصول لرقم العمل الذي يعكس النشاط الفعلي للمكلف والأرباح الصافية الخاضعة للتكليف، وذلك بمختلف الطرق والإجراءات والأدوات المتاحة لهم ولاسيما زيارة مكان العمل الفعلي للمكلف، والدراسة الدقيقة للوثائق والمستندات التي تساعد بالتعرف إلى الواقع الفعلي لنشاط المكلف، كالمواد الأولية والمواد المساعدة والمشتريات والمستوردات وغيرها، كما أكدت عدم تقدير رقم عمل أو أرباح صافية للمكلفين المتوقفين عن العمل من نفس الفئة في المناطق المتضررة ما لم تتوافر معلومات كافية ودقيقة عن ممارستهم للنشاط داخل أو خارج تلك المناطق، والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة: هل بناء الثقة مع المكلفين تكون عبر إبعاد الاستعلام الضريبي عن الواجهة وإعطاء المكلف فرصة لزيادة تهربه، ولاسيما أن الثقة بين الإدارة الضريبية والمراقب لم تصل بعد إلى مرحلة النضوج…؟
وإذا كان الانتهاء من إجراءات الربط الشبكي بين الإدارة الضريبية والمكلفين المستهدفين السبب وراء إيقاف مهام الاستعلام الضريبي، فهل ستحارب الإدارة الضريبية التهرب الضريبي بالربط الذي لا يتعدى كونه مجرد تطوير لآلية الجباية وليس إصلاحاً ضريبياً، وهل ستترك باب المزاودة مفتوحاً بين المكلف والمراقب بالنسبة لمسألة التكلفة وضريبة الرواتب والأجور وكذلك التأمينات الاجتماعية، إذا كان الهدف من الربط التقليل قدر الإمكان من تدخل العنصر البشري وهو المراقب؟
مؤخراً تم تسريب معلومات حول كف يد عدد من الموظفين في جهاز الاستعلام الضريبي، وبعدها صدر قرار بإيقاف مهام هذا الجهاز، وقد يكشف الخطأ بصورة مباشرة أو غير مباشرة مؤسسة بعينها، أو مفصلٌ إدارياً بذاته، ولكن هل يمكن تحميل جهاز بأكمله، على قدر كبير من الأهمية والأثر والتأثير على مصلحة الخزينة العامة، خطأ أو التباساً أو اتهاماً لم يثبت بعد، وهل يمكن لإجراء إداري ولو كان مؤقتاً أن يلغي عمل جهاز حساس، أليس من العدل أن نشير إلى جهود العاملين فيه ونعزلها عن أي تصرف فردي أو خلل إداري أو شبهة في إجراء أو فساد تخلل أحد العاملين أو بعضهم، أليس من الواجب أن يتم التعامل بالقدر المطلوب من الشفافية والمسؤولية مع جانب لا يستهان في أهميته ودلالته وما حققه من إنجازات رفدت الخزينة بمليارات الليرات..؟
تشرين