29/08/2021
أثبتت المعطيات أن الأتمتة هي الخيار الأنجع لضبط الفساد والتلاعب بالمواد المدعومة والمشتقات النفطية، وكل أتمتة مفصل تختصر حلقة من حلقات الفساد والمتاجرة بالمواد المدعومة وما نراه في الأسواق من مواد مقننة هو ناتج عن بيع المواطن لمخصصاته للاستفادة منها بموضوع آخر قد يكون علاجياً أو تعليمياً أو بناء منزل أو غير ذلك من الأمور وهذا النوع من بيع المخصصات لا يضر بأحد، فكل شخص استلم مخصصاته وضمن الدور دون تجاوز وباعها لتأمين حاجة أخرى بدلاً منها وهو في المحصلة يحقق غاية الدولة في تأمين احتياجات الناس.
ولكن هناك نوع من بيع للمخصصات المدعومة وهذا له آثار سلبية كبيرة مثل قيام الكثيرين من أصحاب “التاكسي والسرافيس” ببيع مخصصات المازوت أو البنزين لمحطات الوقود مقابل مبالغ مقطوعة شهرياً وهذا له انعكاس سلبي ومباشر، فالمواطن لا يجد وسيلة نقل سواء أكانت سيارة “تكسي” أم “سرفيساً” وإن وجد يكون السعر مضاعفاً لقلة عدد سيارات الخدمة وهذا يجب أن يتم ضبطه بقسوة لأن الدولة تعطي مخصصات لخدمة العامة فيما يقوم صاحب السيارة بالتواطؤ مع بعض ضعاف النفوس بعملية متاجرة بالمادة وهذه العملية تمتد لمفاصل أخرى كالجهات الرقابية والإشرافية وهذه العملية يجب ضبطها بسرعة عن طريق التعقب أو ما يعرف بال (جي بي اس).
أساس ما سبق له علاقة بتلاعب مكشوف بين القائمين والمشرفين ولا سيما في لجان المحروقات الأساسية والفرعية التي تقوم بتوزيع طلبات البنزين والمازوت على محطات الوقود في المدن والمناطق والأرياف ولا بد من ضبط هذا التلاعب الذي يبدو أنه الأصعب والأكثر مقاومة من هذه الشبكات وداعميها ، ولا بد من تحرك لضبط هذا الأمر من خلال الأتمتة، فاليوم كل المخصصات موطنة في محطات الوقود ولذلك تجب أتمتتها بحيث تأتي الرسائل لأصحاب المحطات حسب التوطين لاستلام الطلب سواء أكان مازوتاً أم بنزيناً وبالتالي يتم منع بيع الطلبات والمتاجرة بها من قبل لجان المحروقات في كل محافظة مقابل مبالغ مالية مقطوعة لكل طلب يتقاسمها أعضاء اللجان، أما اللجان الفرعية فهي تتلاعب بالمخصصات بالتعاون مع لجان المحافظات، فتجد أن أصحاب الآليات والسيارات الزراعية والعزاقات والجرارات تستلم مخصصاتها شبه كاملة في بعض المناطق وبانتظام وفي مناطق أخرى تستلم كل شهر أو شهرين مرة وبكمية محدودة وتذهب بقية الأرصدة وبما يدل بشكل واضح على عملية تلاعب موصوفة.
قد تتلقى وزارة النفط الانتقاد والهجوم من أعضاء المكاتب التنفيذية في المحافظات ولجان المحروقات واللجان الفرعية والجهات الرقابية والإشرافية على أتمتة طلبات محطات الوقود وهو دليل على صوابية الخطوة وإدانة لكل من ينتقدها ويهاجم وزارة النفط أو البطاقة الذكية ولا سيما أن أعضاء هذه الشبكات عددهم كبير ولهم شركاء ومتنفذون في السلطات الرقابية والإشرافية والتنفيذية.
عملية توزيع المواد المدعومة يجب أن تخضع للأتمتة بشكل كامل لحماية المستهدفين من عمليات المتاجرة والابتزاز والضغط وسرقة مخصصاتهم التي تقدمها الدولة رغم مصابها وأزمتها وكل تأخير يزيد من توطين عمليات الفساد وشبكاته، وكل معترض على الأتمتة التي تدير النقص وتوزع الكميات المتوافرة بالتساوي هو شريك في عمليات الفساد التي يدفع المواطن والدولة ثمنها.
معد عيسى