17-11-2020
رغم كثرة الضغوط على سلّة الإنفاق الاستهلاكي للأسرة، إلا أن الإنفاق على وسائل التدفئة في وقت يقرع الشتاء الأبواب والنوافذ يصبح الأكثر ضغطاً والأهم تلبية، ولاسيما مع نقص مصحوب بارتفاع حوامل الطاقة، ما يحدّ من قدرة هذه الأسرة على تأمين نفقات التدفئة، ويقلّل من الخيارات المتاحة أمامها!.
معروض وغالٍ
طرحت محال بيع المدافئ في منطقة المناخلية، وسط دمشق، ما لديها من أنواع وموديلات جديدة، بيد أن أسعارها المرتفعة جداً حالت دون اجتذاب زبائن، كما يؤكد الباعة، حيث يشير أحدهم إلى أنه يبيع خلال اليوم بين 6-7 مدافئ انخفاضاً من نحو 20-30 خلال السنوات الفائتة، عازياً ذلك إلى ارتفاع الأسعار، التي يقول عنها -متندراً- إنها كانت تبدأ بخمسة آلاف ليرة سورية، واليوم تبدأ بخمسين ألفاً، والشيء نفسه بالنسبة للمستلزمات المرافقة للمدفأة من بوارٍ وقواعد.. وغيرها.
بينما يؤكد بائع آخر، أنه في ظل الغلاء الحالي، يلجأ كثير من الزبائن إلى إعادة تدوير المدفأة لأطول فترة ممكنة، عبر صيانتها وإصلاحها، وهو أمر بات شائعاً أكثر من السابق، كما باتت المدافئ الصغيرة والتي توفر مادة المازوت على نحو أكبر هي الأكثر طلباً ورواجاً، في وقت لم تعد تُطلب فيه الأحجام الكبيرة التي يزيد معها استهلاك المازوت.
استبيان مبسط..
أجرت “البعث استبياناً مبسّطاً من عدة أسئلة حول التدفئة، تمثّلت بـ: ما هي مادة التدفئة المتاحة لديك هذا الشتاء (مازوت، كهرباء، مركزية، غاز، حطب، أخرى..)؟، بكم تُقدّر تكاليف التدفئة لديك طيلة فصل الشتاء، كيف ستؤمّن هذه التكاليف؟ وقد خرجت بانطباعات متقاربة إلى حدّ كبير، وهذه بعضها:
أكاديمي: التكاليف التقديرية للتدفئة بحدود 200 ألف ليرة سورية، لن يتحمّلها راتبنا العاجز عن أن يحمل نفسه، بل بدعم إخوتنا المغتربين.
صحفي: لديّ 120 ليتر مازوت من الشتاء الفائت، وهي بالتأكيد لن تكفي، ونعوّل على التدفئة بوساطة الكهرباء، آملين أن تتحسّن الأخيرة، هذا بالنسبة لنا في المدينة، أما في الأرياف البعيدة، فكان الله بالعون.
محاسب: كلّ الوسائل باتت غير مؤكدة، ولا يُعتمد عليها، فنقص حوامل الطاقة اللازمة للتدفئة، يقابل بضعف القوة الشرائية، التي لن تمكّن طالب المادة من الحصول عليها من السوق الموازية (السوداء)!.
مدرّس: نحتاج 500 ألف ليرة لتأمين الحطب وتفل الزيتون، وليس بحوزتنا منها أية مبالغ.
مهندس: ليس هذا الشتاء وحده الذي يمرّ علينا صعباً، جراء عدم توافر المازوت، بل شأنه شأن غيره من الفصول السابقة، يبعث الله الفرج دائماً من حيث لا نحتسب.
العزل كحل مساعد
ينصح معاون المدير العام للمركز الوطني لبحوث الطاقة الدكتور سنجار طعمة الأسر بمراعاة إجراءات عزل البيوت، ما يساعد على توفير استهلاك الطاقة بنسبة قد تصل إلى 50%، فضلاً عن توفير قيم الأجهزة واهتلاكها، مبيناً أن البيوت تحتاج شتاءً إلى عزل مؤقت عبر الأرضيات والجدران والسطح، وذلك بفرش الممرات والمساحات المكشوفة كلها، وتدفئة الحيّز المخصّص للجلوس، دون بقية أركان البيت، كما يجب أن يكون للبيت بابان، من أجل خفض التبادل الحراري، بمعنى ألا يكون الباب في مواجهة تيارات الهواء الباردة مباشرة.
ويضيف طعمة أنه لا بد من منع التدخين في الأماكن المغلقة داخل البيت، لأن فتح البيت للتهوية، يعني إعادة تدفئته من جديد، ومزيداً من الإنفاق والتكاليف، داعياً إلى ضرورة الاستفادة من الطاقات المتجدّدة، فهي ليست مرتبطة بمصادر محدّدة وقابلة للنضوب، كما أنها مصدر مهمّ للتدفئة حول العالم، فضلاً عن تأمين الطاقة النظيفة للقطاعات المختلفة.
ما زالت صفراً..!
ألزم قانون الحفاظ على الطاقة الجهات الراغبة بالبناء بالكود الحراري، وهو موجّه للقطاع العام والخاص معاً، بحيث يتمّ التعاون في تطبيقه مع الجهات المعنية، ولكن نسب التنفيذ في هذا الجانب ما زالت قريبة من الصفر، ولا مؤشر مهماً على ذلك، وفقاً لطعمة، الذي يبدي استعداد المركز للتعاون وتقديم أية دراسات أو دعم فنيّ، علماً أن أية وفورات في استهلاك الطاقة تعود فوائدها، بالدرجة الأولى، على صاحب البناء وقاطنيه.
ويُعزل الغلاف الخارجي للسكن، دون الداخلي، ما يحدّ من تعرّض المكان المعزول للتيارات الباردة، التي تستوجب التدفئة أو إعادة التدفئة، وهناك عزل بيني من خلال عزل الجدران التي تفصل الأبنية المتجاورة، إضافة لعزل البللور بتركيب زجاج مضاعف، علماً أن تنفيذ مثل هذه الإجراءات أثناء الإكساء، يكون أسهل من تنفيذها عند الترميم، وبالرغم من ذلك كله، قلّما يعزل المقاولون المباني الجديدة أو حتى المعاد ترميمها!.
أحمد العمار
ournamar@yahoo.com