أخبار الصناعة السورية:
يشهد سوق السيارات في سورية ارتفاعاً غير مسبوق بالأسعار، رغم غلاء سعر البنزين وصعوبة الحصول عليه، حتى وصل سعر سيارة فولكس فاغن-غولف المستعملة، التي يعود تاريخ صنعها لعام 1976، إلى ثمانية عشر مليون ليرة سورية، للسيارة المنفوضة أو المحدّثة ، وفقاً لتعبير تجّار السيارات. وكان سعر هذه السيارة أحد عشر مليون ليرة قبل شهرين، فيما كانت تُباع بداية عام 2020 بـثلاثة ملايين فقط
وتعتبر سيارة غولف من أرخص السيارات، ذات المنشأ غير الصيني، المرغوبة في السوق السوري، لرخص أسعارها مقارنةً بغيرها، وتأتي بعدها، من حيث الطلب في السوق، سيارة شيري- كيو كيو الصينية، المرغوبة نتيجة مصروفها القليل، وتوفّر قطع غيارها، وقد ارتفع سعرها من خمسة عشر مليون ليرة، بداية العام الجاري، إلى اثنين وعشرين مليون ليرة حالياً، بارتفاع وصل إلى 46% خلال شهرين فقط، بينما كانت تُباع بداية عام 2020 بأربعة ملايين ليرة فقط
وشهدت أسعار السيارات الكورية ارتفاعاً غير مسبوق، فوصل سعر سيارة كيا-ريو إلى حوالي ستين مليون ليرة سورية، للسيارة النظيفة ، بعد أن كان سعرها نحو خمسة وثلاثين مليون ليرة سورية بداية العام الجاري، فيما كانت تُباع بعشرة ملايين مطلع العام الماضي
أما سيارة كيا-فورتي فوصل سعرها إلى تسعين مليون ليرة سورية في بعض الأسواق، بعد أن كانت تُباع بستين مليون ليرة سورية بداية العام، وبخمسة عشر مليوناً مطلع العام 2020
أما السيارات الكورية المرغوبة القديمة، مثل دايو ريسر و سيلو ، من تصنيع تسعينيات القرن الماضي، فقد تراوحت أسعارهما بين اثنين وعشرين وخمسة وعشرين مليون ليرة سورية، بعد أن كان سعرها، مطلع العام، بين ستة عشر وثمانية عشر مليون ليرة. أما سوزوكي ماروتي فوصل سعرها إلى ثمانية عشر مليون ليرة، بعد أن كان اثنا عشر مليوناً بداية العام
حفاظاً على المدخرات
وأكد عصام-ن ، وهو سمسار سيارات عبر الإنترنت، أن «الإقبال على البيع والشراء مرتفع، وليس كما يروّج البعض، بأن السوق يعاني من ركود»، مشيراً، في حديثه لـ«الحل»، إلى أن سبب الإقبال هو «تقلّب سعر الصرف السريع، واتجاه البعض للحفاظ على أموالهم عبر شراء السيارات، التي ترتفع أسعارها أكثر من ارتفاع سعر الصرف»
مشكلة الشقيعة
إلا أن كفاح-ع ، صاحب أحد مكاتب تجارة السيارات في منطقة جرمانا، يهاجم من سماهم الشقيعة ، مثل عصام-ن وغيره، مؤكداً أن «سبب ارتفاع أسعار السيارات هو دخول كل من هبّ ودب إلى مجال المتاجرة بها، نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي، وعدم توفّر فرص عمل، وقد بات البيع والشراء يتم ضمن دائرة السماسرة و الشقيعة بنسبة 80%»، حسب تعبيره
وتابع: « الشقيع لا يهمه إن ارتفعت الأسعار أم انخفضت، بل يهمه نسبة ربحه (الكومسيون) فقط، فهو لا يشتري السيارات ويركنها أمام محله، وليس لديه رأس مال، لذلك غالباً ما يتوسّط بين التاجر والزبون، ونسبة ربحه ترفع سعر السيارة بالتأكيد، وبات هناك أكثر من شقيع لكل سيارة»
طارحاً مثالاً حصل معه مؤخراً، لسيارة كانت في معرضه: «عرضت سيارة للبيع بـسعر ثمانية عشر مليون ليرة، وبعد ثلاثة أيام شاهدتها معروضة على الإنترنت باثنين وعشرين مليون ليرة، وبعد الاستفسار عن الشخص الذي قام بعرضها، تبيّن أن شقيع من المعرض، عرضها على شقيعة أخرين، وهذا رفع سعر السيارة حوالي أربعة ملايين ليرة، سيتقاسمها أربعة شقيعة ، بينما مربحي بالكاد يصل إلى نصف مليون ليرة»
وتابع: «من سيشتري السيارة بهذا السعر شخص لا خبرة له على الأغلب، يرغب بالدخول في دائرة البيع والشراء للاسترزاق، فهو سعر غير منطقي. وبهذا الشكل تستمر أسعار السيارات بالارتفاع شهرياً، وكلما علم أحدٌ بأن شقيعاً حصل على مليون ليرة، من بيع سيارة، سيفكر بالدخول في هذا المجال، وستستمر أسعار السيارات بالارتفاع»
ويكمل التاجر حديثه بالقول: «بعد تدهور سعر الليرة ازداد الإقبال على تجارة السيارات، التي يسعى كثير من الناس للاستثمار فيها، نتيجة خوفهم من تدخّل الدولة، وخفض سعر الصرف، وتآكل مدخراتهم من الدولار والليرة. وعليه صارت عمليات البيع والشراء تتم وسط هذه الشرائح، الراغبة في تحقيق أهدافها بسرعة، ومع زيادة عدد الوسطاء و الشقيعة ، ارتفعت الأسعار بشكل هيستيري. ورغم كل هذا تبقى السيارات سلعة آمنة، يمكن الاستفادة منها إلى أن يتم بيعها، وتحافظ على المدخرات، لأن سعرها يتبدّل بتبدّل سعر الدولار»
شروط البنوك
ولا تتدخل الدوائر الحكومية في سوريا بسعر بيع وشراء السيارات نهائياً، وتعتبر العقد شريعة المتعاقدين، مهما كانت قيمته، لكن مصدراً في المصرف العقاري السوري أكد أن «شرط فتح حسابات في البنوك للشاري والبائع، ساهم برفع أسعار السيارات، لأن العملية باتت تأخذ وقتاً أطول، وهناك بعض البنوك الخاصة تشترط إيداع مبالغ معينة، قد تصل إلى مليون ليرة سورية، لا يمكن التصرّف بها لمدة ستة أشهر على الأقل، بينما تحتاج عملية فتح حساب في المصارف الحكومية إلى أشهر، نتيجة الضغط وقلة عدد الموظفين»
وأقرّ مجلس الوزراء السوري، منذ العام 2011، تعليق استيراد بعض المواد، التي يزيد رسمها الجمركي على 5%، وشمل القرار حينها السيارات السياحية، والأجهزة الكهربائية، وأجهزة التكنولوجيا، وكثيراً من المواد والسلع الأخرى
تجميع السيارات محلياً لم يخفّض الأسعار
ولم تساهم شركات تجميع السيارات في سورية في خفض الأسعار، بل باتت أسعار السيارات المجمّعة في سوريا أغلى من مثيلاتها في بلد المنشأ، ويعود سبب ذلك، بحسب مصدر في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية، إلى «استيراد السيارات كاملة من دول المنشأ إلى مدينة دبي،
حيث يتم فك الأبواب والدواليب والطبونات، ثم تُنقل إلى سوريا، حيث يعاد تركيبها من جديد»
وأضاف المصدر، في حديثه لـ«الحل»، أن «وزارة الاقتصاد السورية أوقفت عمل تلك الشركات منذ سنتين، لأنها تستنزف القطع الأجنبي، بينما عادت شركة سيامكو الإيرانية-السورية للعمل، على أن تطرح سيارة، بسعر يصل إلى خمسة وثلاثين مليون ليرة سورية، قريباً»
وتوجد سبع شركات لتجميع السيارات في سوريا حالياً، وجميعها تعمل بصالة إنتاج واحدة، هي صالة التجميع، باستثناء الشركة السورية -الإيرانية لتصنيع وتجميع السيارات السياحية- سيامكو ، التي تعمل بثلاث صالات إنتاج، وهي صالة لحام الهيكل، وصالة الدهان، وصالة التجميع.
وجرى تجميع وتركيب 8,040 سيارة في سوريا خلال العام 2019، من قبل جميع شركات التجميع العاملة، مقابل طاقة إنتاجية تصل إلى 651 ألف سيارة سنوياً