2018/07/10
لن نجادل فيما اعتبره الدكتور حسين صالح انتصاراً ومفخرة بعدما أصبح لدينا ما أطلق عليه “سياسة وطنية للبحث العلمي”، ولعلنا لا ننكر عليه هذا الاعتبار، لأن ما عرضه الدكتور حسين صالح مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي في سورية، حول ما أنجزته الهيئة من مراحل تنظيمية علمية وعملية، فيما يخص أولويات البحث العلمي ومحاور السياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار، استوقفنا كثيراً كما استوقف ربما معظم الحاضرين والمشاركين من غرفة تجارة دمشق، في ورشة العمل التي أقامتها الهيئة بالتعاون مع غرفة تجارة دمشق، والخاصة بدور البحث العلمي في تطوير ودعم الصناعة الوطنية.
ولعل ما يعزز ما تقدم، أن البحث العلمي قد أعطي الضوء الأخضر والمفتوح علمياً ومالياً، ما يعني أن هناك قراراً، بجبِّ ما كان من “بخل” أو عدم إدراك وحتى ممانعة تجاه هذا المجال، الذي يعتبر بجدارة أس الأسس لكل عمل ناجح.
آفة الثقة..
إلاَّ أن آفة عدم الثقة تجاه هذا الدعم، كانت حاضرة عند الباحثين والأكاديميين المختصين من رؤساء ودكاترة جامعات وخبراء، ممن خبروا مدى “المحاربة” لهذا القطاع ورواده، وهنا نشدد من وحي ما شاهدنا وسمعنا من مداخلات، على الضرورة القصوى في إعادة الثقة عند الباحثين والمبتكرين والمطورين ببحثنا العلمي، لأنه وبصراحة نقول: إن أية انتكاسة في ذلك، يعني انتكاسة لأي تطور في أي قطاع من قطاعاتنا الاقتصادية وغير الاقتصادية. هنا من الممكن أن يكون لما كشفه صالح لـ”البعث”، من أن البحث العلمي لم يعد محصوراً بدكاترة الجامعات، لا بل أصبح متاحاً لأي صاحب فكرة مبدعة مكتملة الجوانب، أن يكون مدخلاً لإعادة تلك الثقة.
ينقصنا الدعم..!
الدكتور جمال العمر معاون وزير الصناعة والمسؤول عن متابعة البحث العلمي الصناعي، قال: لا ينقصنا سوى الدعم..!؟، والمفارقة أنه لم يحدد أي دعم..!؟ ما دعانا للموازنة والمقابلة لما أعلن عنه مدير الهيئة من دعم كبير..!؟ العمر أكد أنهم يريدون وضع الصناعة على الطريق الصحيح.. بتحديد ما الصناعات اللازمة لنهضتنا في الوقت القريب وبالإمكانات المتاحة.
إذا ما..
أما رئيس غرفة تجارة دمشق غسان قلاع فاكتفى بالعموميات في تناول الموضوع مفضلاً الترقب والمتابعة، إذ شدد على أن كل عمل لا يدعم بالبحث لا يمكن أن يوصلنا لما نريد ونطمح إليه، ولأجل ذلك لفت إلى أننا بحاجة لنهضة قوية، مبيناً أن الحمل ثقيل، ويحتاج للكل وبقدر ما يتحمله كل منَّا، مؤكداً أن البداية هي خطوة بحاجة لآلاف الخطوات بعدها إن ما أردنا نوتجارية حقيقية.
بنك معلومات..
وقبل الانتقال إلى المشاريع الصناعية البحثية التي طرحت في الورشة، نشير إلى بنك المعلومات والمورد الوطني الذي سيكون منجزاً نهاية الشهر التاسع من هذا العام، كما أكد مدير الهيئة، وأكد أيضاً أن هذا الاجتماع النوعي الأول في علميته لمتابعة مشاريع السياسة الوطنية الشاملة للبحث العلمي والتطوير التقاني. كاشفاً عن إقرار مقترحات تطوير الصناعة، وأنها قد أصبحت وثيقة رسمية، كما كشف عن أن مرسوم الهيئة في طور التعديل لتأخذ الأخيرة دورها وصلاحياتها على أكمل وجه، وكي يتاح لها استثمار مخرجات البحث التي تنجزها الهيئة، وكذلك تسويق واستثمار تلك المخرجات، منوهاً بالدعم الواسع الذي سيقدم للباحثين، والذي على أساسه وعلى نتائج البحث ستتم المكافأة والمحاسبة.
مشاريع البحث..
الآن نأتي لأهم المشاريع التي تم عرضها في الورشة في إطار أولويات البحث العلمي ومساهمته في إعادة الإعمار وتلبية متطلباته، ففي باب دراسة احتياجات إعادة الإعمار للمؤسسات الصناعية ووضع خطة عملية لتلبية هذه الاحتياجات، سيتم دراسة سبل دعم الصناعات التي تنتج مستلزمات مرحلة إعادة الإعمار والبناء لتلبية حاجة السوق المحلية والاستغناء عن الاستيراد (مثل الإسمنت ومواد البناء وطلاءات المواد البلاستيكية..إلخ) والصناعات التي تحقق الأمن الصحي والصناعات التي تعتمد على المواد الأولية المتوفرة محلياً.
أما في مجال دراسة الجدوى والتطوير الصناعي، فسيتم دراسة سبل معالجة المشكلات الفنية ابتداء من القطع التبديلية وتصنيعها محلياً، وانتهاء بتعديل خطوط الإنتاج وأتمتتها وإحداث مركز لتصنيع القطع التبديلية للقطاع الصناعي وغيره، إضافة لدراسة حول إقامة صناعات تعتمد على تدوير النفايات الصلبة (المخلفات الإسمنتية والبلاستيكية والمعدنية..إلخ) الناتجة من الأبنية المتضررة والمتهدمة وتوظيفها في إعادة الإعمار.
وفيما يخص سياسة العلوم والتقانة والابتكار في قطاع الصناعة، ومساهمة الصناعة في دعم البحث العلمي والتطوير التقاني، فالمطلوب بحوث حول الطرائق الكفيلة بتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في البحث العلمي، وإعادة تأهيل المؤسسات التعليمية والبحثية والتدريبية، بما يناسب متطلبات الصناعة الحالية والمستقبلية، وذلك من خلال دراسات حول القدرات والكفاءات المطلوبة لعملية البحث العلمي والتطوير التقاني في هذه المؤسسات.
كما المطلوب أيضاً ضمن محور تطوير واقع إدارة الجودة في الصناعات السورية وتحديد متطلباته، دراسات حول أنواع الاختبارات اللازمة في الصناعات المختلفة على مستوى البلاد. في حين يتطلب محور دعم التكامل التقاني في الصناعات السورية، بحوثاً لانتقاء التقانات الملائمة للصناعة الوطنية لزيادة قدرتها التنافسية. بينما تطوير طيف الصناعات السورية حسب متطلبات السوق المحلية والإقليمية والعالمية، فالمطلوب إنجاز دراسة تتضمن مسحاً للسوق العالمية وتحديد الصناعات التي يمكن لسورية الاختراق فيها. وفي محور تحسين كفاءة استخدام الطاقة والمياه في الصناعات السورية، ستتم بحوث حول تطبيق التقانات المتطورة في استخدامات المياه والطاقة في الصناعات المختلفة.
مقترحات للتطوير
كل ما تقدم أرفق بمقترحات عامة لتطوير قطاع الصناعة، وأهمها إيجاد صيغة تعاون علمية بين الجامعات والقطاع الصناعي، حيث يختار هذا القطاع البحوث والدراسات التي تلبي حاجة الصناعة الحالية والمستقبلية والتي يمكن للجامعات أن تقوم بها، ويعمل على تمويل تنفيذها على حسابه، هذا أولاً، أما ثانياً فالمطلوب تشبيك بين المؤسسات الصناعية وبين الجهات العلمية البحثية لاستثمار البحوث الوطنية في خدمة الصناعة السورية.البعث