قال وزير الاقتصاد و التجارة الخارجية الدكتور أديب ميالة أن سر صمود الاقتصاد السوري للسنة السابعة على التوالي يعود للعلاقة التفاعلية بين صمود الجيش العربي السوري والقيادة والمواطنين الداعمين له أمام الارهاب المدعوم من قبل عدد كبير من الدول على رأسها أميركا واسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي وتركيا والسعودية وقطر
وبين الدكتو ميالة في لقاء اجرته وكالة /سانا/ أن الضغوطات والعقوبات التي مارستها هذه الدول على الاقتصاد السوري كان المتأثر المباشر بها “المواطن السوري” سواء فيما يتعلق بقطاع الدواء أو الغذاء أو التعليم أو مرافق الحياة الأخرى.
ميزة الاستثمار الخارجي
وحول أثر العقود الموقعة ضمن اتفاقية التعاون الاقتصادي المشترك بين سورية وإيران بعد زيارة الوفد الحكومي إلى إيران في شهر كانون الثاني من العام الحالي بين ميالة أهمية وفائدة هذه العقود اقتصادياً حيث تشكل “استثمارات خارجية في سورية ورؤوس أموال كبيرة يتم استثمارها في مجال استصلاح الاراضي أو تربية الأبقار أو استثمار المناجم والخزانات النفطية أو الاستثمار الخلوي”.
وقال ميالة: “اليوم كل الدول تسعى إلى جذب الاستثمارات الخارجية لبلدانها لأنها تنعكس بالفائدة على المواطنين وتشغيل اليد العاملة فيها سيكون من الخبرات السورية بالتالي سيزيد الإنتاج الوطني والناتج القومي والنشاط الاقتصادي أي بمعنى آخر دوران رأس المال لصالح الاقتصاد الوطني”.
آلية إجازات الاستيراد واضحة
وحول إجازات الاستيراد أكد الوزير ميالة أن “الآلية الجديدة بمنح إجازات الاستيراد واضحة وشفافة وفيها مساواة للجميع” مبيناً أن هذه الإجازات شجعت على الإنتاج المحلي كونها موجهة لمستلزمات الإنتاج والمواد الأولية مشيراً إلى أنه “بعد 4 شهور من تطبيق هذه الآلية كانت 95 بالمئة من المستوردات هي مستلزمات إنتاج ومواد أولية وتجهيزات ومواد للتصنيع”.
وفي التفاصيل أوضح الوزير ميالة أن الاجازات والموافقات الممنوحة للقطاع الخاص ارتفعت من مليارين و656 مليون يورو في عام 2015 إلى ثلاثة مليارات و493 مليون يورو في عام 2016 بالمقابل انخفضت المستوردات الحقيقية من 3مليارات إلى مليارين و617 مليون يورو أي بحدود 400 مليون وبنسبة 13 بالمئة وهذا يعني “أنه أصبح هناك اعتماد أكبر على الإنتاج الوطني وثقة الأوساط الاقتصادية بالآلية الجديدة لمنح الإجازات”.
من ناحية أخرى ارتفعت صادرات القطاع الخاص من 429 مليون يورو في عام 2015 إلى 563مليونا في عام 2016 أي نسبة الزيادة 31 بالمئة كما أوضح الوزير ميالة أن الميزان التجاري بشكل عام تحسن بحدود 16 بالمئة عن عام 2015.
بذلك يكون مؤشر تغطية الصادرات انتقل أيضاً من عام 2015 إلى 2016 بالنسبة للقطاع الخاص من 17 بالمئة إلى 26 بالمئة وهذا يعني أن “كل 100 دولار يستورد فيها القطاع الخاص كان يسترجع ويصدر منها 17 دولارا اليوم أصبح يصدر منها 26 دولارا وهذا أمر مهم ويعني عودة التعافي للاقتصاد الوطني” حسب تعبير ميالة.
الفرص الاستثمارية والريعية والربحية في سورية
وخلال إشارته لسياسة التجارة الخارجية شدد الوزير ميالة على أن العمل يتم وفق الالتزام بالبيان الحكومي الذي يدعو إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي وبالتالي زيادة الاستثمارات مضيفاً: “أولى النتائج التي حصدناها من التجارة الخارجية بعد آلية منح إجازات الاستيراد زيادة نسب التشغيل لدى القطاع الخاص وزيادة استخدام المواد الأولية والتجهيزات وعودة المعامل للإنتاج”.
ودعا الوزير ميالة الصناعيين الذين لم يشغلوا معاملهم إلى الآن لأي سبب كان لإعادة تشغيلها قائلاً: “اليوم أهم الفرص الاستثمارية وأهم ريعية وربحية لرأس المال موجودة في سورية” مؤكداً للصناعيين والتجار أن إجازات الاستيراد اليوم مفتوحة أمام كل من يتقدم للحصول عليها وبالمبالغ المطلوبة من غير سقوف لتحقيق العدالة بين المستوردين.
المازوت للصناعيين بسعر التكلفة
وفي الإطار ذاته أوضح ميالة أن القرار الذي ألزم المؤسسة السورية للتجارة باستلام 15 بالمئة من الكميات المستوردة من قبل القطاع الخاص “يسمح لأي مؤسسة عامة أن تشتري 15 بالمئة من مستوردات أي تاجر سواء مادة السكر أو غيرها” مبيناً أن “الهدف من ذلك رفد السوق بالكميات اللازمة وموازنة الأسعار فيه”.
وفي معرض رده عن حديث البعض المستمر عن وجود احتكار في إجازات الاستيراد الممنوحة لمادة السكر لأشخاص محددين قال ميالة: “استيراد السكر مسموح لأي أحد يرغب بذلك وعندما تابعت الموضوع واطلعت على إحصائيات إجازات السكر وجدت أنه في عام 2016 وصل العدد لـ64 مستوردا للسكر ما يدل على عدم حصر هذا الأمر بأشخاص معينين”.
وبالنسبة لقرار وزارة الاقتصاد بالسماح للصناعيين باستيراد مادة المازوت براً أوضح الوزير ميالة أنه “بسبب العقوبات المفروضة على سورية أصبح هناك شح بمادة المحروقات وتطبيق هذه العقوبات كان قاسيا جداً ما أدى إلى عملية تعرقل عملية نقل النفط من الخارج إلى سورية بالتالي أدى إلى نقص العرض وارتفاع أسعار المادة” نتيجة لذلك “أصدرت الوزارة قرارا يسمح للقطاع الخاص باستيراد المازوت براً ضمن ضوابط وشروط محددة” حيث يسمح لغرف التجارة استيراد كمية محددة مقدرة بـ15 ألف طن وخلال مدة محددة تبلغ 15 يوما فقط من تاريخ إجازة الاستيراد وذلك حسب ميالة “للحد من إمكانية التلاعب والسمسرة بهذه المادة”.
وبدأت غرف التجارة بالحصول على الإجازات وتوزيعها لكن ظهرت مشكلة التكاليف العالية العائدة على الغرف بهذه العملية فانخفض سعر المازوت ولكن ليس بالشكل المطلوب حسب ميالة.. وبما أن الحكومة تستطيع استيراد أحجام كبيرة من المازوت أكثر من غرف التجارة لذلك قامت بالاستيراد وتوزيع المادة على الصناعيين حسب سعر التكلفة وهو أكبر من السعر المدعوم.
وتابع ميالة “السعر المدعوم لمادة المازوت تقدمه الحكومة للمواطنين وهو بـ180 ليرة سورية رغم أنه يكلف الدولة 280 ليرة أي الدولة تخسر بكل ليتر مازوت 100 ليرة.. لذلك وفق ما قررناه مؤخراً -وهو حل مؤقت- إذا اضطر الصناعي للحصول على مادة المازوت ريثما تتوافر المادة في السوق فإنه يستطيع شراءها من مؤسسات الدولة ولكن بسعر التكلفة” مضيفاً: “أما ما يخص مادة الفيول والغاز فإن استيرادها مسموح لأي راغب بذلك برا أو بحرا والوزارة تمنح الإجازات اللازمة بهذا الخصوص”.
“لم نسمح باستيراد السيارات الحديثة أو المستعملة
وفي معرض رده على موضوع السماح باستيراد السيارات الحديثة والمستعملة الذي تناولته بعض المواقع الإلكترونية نفى الوزير ميالة صدور أي قرار من الوزارة بهذا الخصوص و”لم يتم السماح باستيراد السيارات نهائياً” حسب تعبيره ..مضيفاً: “أما بالنسبة لصدور قرار جمركة السيارات المصفحة وتسويتها فكان نتيجة وجود عدد من السيارات المصفحة ذات لوحات غير نظامية فكان من الضروري تسوية وضعها إضافة إلى أن ذلك يرفد خزينة الدولة بمبالغ مالية جيدة لأن هذه السيارات ذات سعر مرتفع فأقل مالك سيارة من هذا النوع يدفع لخزينة الدولة 50 مليون ليرة سورية وقد تصل لمبالغ أكبر من ذلك عند اجراء التسوية”.
التوجه للأسواق الجزائرية والمصرية والإيرانية والروسية
وبالنسبة لحركة المعارض التي شهدتها دمشق مؤخراً أكد الوزير ميالة أنها دليل على أن الإنتاج المحلي أصبح أفضل وأن البضائع السورية قادرة على المنافسة عالمياً بالجودة والسعر رغم محاولة الإرهابيين بدعم من امريكا وتركيا وقطر والسعودية لقطع الطريق بين سورية والعراق كون العراق من أهم الأسواق التصديرية للمنتجات السورية مضيفاً: “إنه عند فتح الطريق البري بين البلدين سيزيد التبادل التجاري إضافة إلى توجهنا إلى الأسواق المصرية والجزائرية والروسية والإيرانية”.
وقال ميالة: اليوم البضائع السورية بدأت تستعيد مكانتها العالمية والقطاع الخاص في سورية إلى اليوم يصدر لأكثر من 80 بلدا”.
وحول تحضيرات الوزارة ودعمها للمشاركين في الدورة الـ59 من معرض دمشق الدولي المقرر إطلاقه في الـ16 من آب القادم على أرض مدينة المعارض في طريق مطار دمشق الدولي بين ميالة أن الوزارة اتخذت قرارا بنقل جميع المعارض التي تقام داخل دمشق إلى مدينة المعارض وستؤمن النقل المجاني للمواطنين خلال إقامة المعرض ومن بينها معرض دمشق الدولي مضيفاً: “أيضاً سنقدم الدعم لأصحاب المصانع والمشاركين بنقل بضائعهم إلى مدينة المعارض”.
وكشف ميالة أنه سيتم عقد مؤتمر صحفي الأسبوع القادم بحضور عدد من الدبلوماسيين والسفراء والملحقين التجاريين وكل من يرغب من الفعاليات الاقتصادية لتعريفهم بتاريخ معرض دمشق الدولي وما الذي سيكون عليه في دورته الجديدة بعد انقطاع دام لخمس سنوات موضحا أن ذلك سيكون من خلال “عرض فيلم وثائقي عن تاريخ المعرض ضمن ثلاث مراحل الزمن الماضي للمعرض وزمن الحرب والمرحلة الثالثة سورية ما بعد الحرب ابتداء من عام 2017 وما نطمح لإنجازه في هذا المعرض”.
كما تقدم الوزارة التسهيلات لأصحاب المنتجات متناهية الصغر لتشجيعهم على المشاركة في المعرض من خلال دعمهم في مجال الشحن وأجور العرض إضافة لإقامة مبنى دائم في المعرض لعرض منتجات المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل مجاني.
تنسيق وزاري لدعم الصناعة الحلبية
هذا ما ذكره الوزير ميالة مؤكداً أن الوزارة من خلال أذرعها المتمثلة بهيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات وهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة تقدم كل التسهيلات والدعم لهم في التصدير ونقل البضائع وغيرها مضيفاً: “مثلا في معرض خان الحرير الأخير قامت هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بنقل بضائع الصناعيين من حلب إلى دمشق مجاناً كما أن الوزارة تبذل كل الجهود لمساعدتهم في تصدير منتجاتهم للخارج” إضافة لعمل الحكومة مجتمعة لدعم واقع الصناعة في حلب من خلال وزارة الكهرباء والنفط والموارد المائية لتأمين مستلزمات المعامل من المياه والمشتقات النفطية والكهرباء.
“300 مليون ليرة سورية لمسح المشاريع الصغيرة
وأوضح الدكتور ميالة أن هيئة تنمية المشروعات الصغيرة من الناحية الإدارية تم تحديد مجلس إدارة لها واعتماد تعريف للمشروع الصغير والمتوسط وهو أمر مهم بالنسبة للهيئة كونه يحدد لها المشاريع التي يجب أن تقدم خدماتها لهم ومن جهة أخرى تم رصد 300 مليون ليرة سورية لمسح المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سورية.
وأشار الوزير ميالة إلى عدد من النشاطات التي تقوم بها الهيئة بالتعاون مع هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات لدعم الإنتاج المحلي في قطاع الدواجن والمباقر وتربية وتسمين العجول وغيرها بما ينعكس على زيادة الإنتاج وانخفاض الأسعار مضيفاً “من جهة أخرى بدأت تزيد مساحات التبغ المزروعة جراء قرار اللجنة الاقتصادية برفع أسعار التبغ مرتين فذلك أعطى الفلاح حقه خاصة أن زراعة التبغ معروفة بأنها شاقة ومجهدة”.
“الحمضيات ليست مشكلة وليدة اللحظة والحكومة تعمل على حلها تدريجياً” بالمقابل تعترض مشكلة الحمضيات فلاحي الساحل في كل عام وبعد متابعة عدد من الوزراء للمشكلة العام الفائت ومن بينهم وزير الاقتصاد الذي أوضح أن مشكلة الحمضيات ليست “وليدة اللحظة وإنما منذ زمن” وأنها تكمن بالدرجة الأولى بعدم زراعة هذه الأشجار بطريقة متشابهة ما يسبب وجود عدم تجانس واختلاف كبير بين الأصناف والأحجام ما ينعكس على تلبية طلبات التصدير ومن جهة أخرى وجود إنتاج كبير لا يمكن تغطية تصديره بشكل كامل وفق العقوبات المفروضة على سورية.
“رغم تعدد أسباب المشكلة تعمل الحكومة على حلها تدريجيا وفق الوزير ميالة” وقال “العام الفائت قدمنا كل ما من شأنه التخفيف من أعباء التوضيب والتعبئة وطورنا وأوجدنا ورشات توضيب جديدة للاستعداد لمواسم الاعوام القادمة إضافة إلى دعم شحن المنتجات وحذف الرسم الجمركي بالنسبة لموضوع التشميع كما اشترت الحكومة بمبلغ أكثر من 2 مليار ليرة سورية الحمضيات ووزعتها مجانا خاصة على أفراد الجيش العربي السوري لتخفيف العبء عن الفلاحين ومن جهة أخرى تحاول هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات فتح منافذ تصديرية جديدة وتوقيع عقود مع شركات روسية سواء للتصدير أم للمبادلة بين الحمضيات والقمح”.
لجنة رجال أعمال بين سورية والعراق
ولفت الوزير ميالة إلى أن الهدف من هذه اللقاءات الوقوف على نشاط هذه المجالس وقدرتها على التعاون وزيادة الحركة الاقتصادية ما بين سورية والدول الأخرى كالصين وروسيا وبيلاروس وغيرها موضحاً “توصلنا لمقترحات مهمة وعرضناها على الحكومة حتى نخرج بقرارات من شأنها تقوية دور هذه المجالس كما أصبح لدينا الآن لجنة رجال أعمال بين سورية والعراق لتسهل وتبسط عملية التبادل التجاري بين البلدين”.
“قانون التشاركية لصالح الإنتاج الوطني”
ورغم صدور تعليماته التنفيذية ما زال قانون التشاركية يتعرض لانتقادات البعض باعتباره ينتقص من دور القطاع العام حسب وصف البعض وحول ذلك رأى الوزير ميالة أن “من يطلع على قانون التشاركية وتعليماته يعلم بكل تأكيد أن هذا القانون يحقق جذبا لرؤوس الأموال من القطاع الخاص واندماجها مع القطاع العام ويحقق إعادة تشغيل للمعامل التي كانت قائمة وتم تدمير جزء منها أو سرقة آلاتها فالهدف هو زيادة الإنتاج” مضيفاً: “المشاركة مع القطاع الخاص برأس المال لا تعني أني أتخلى عن ملكيتي كجهة حكومية بل ستكون هناك إدارة مشتركة وقطاع واحد يعمل لصالح الإنتاج الوطني”.
تغيير مقر الوزارة
وأخيراً حول المعلومات المتناقلة عبر وسائل الإعلام عن رغبة وزارة الاقتصاد بتغيير مقر الوزارة الكائن في دمشق-ساحة المحافظة أوضح الوزير ميالة “أن الموضوع ما زال قائماً وقيد الدراسة ولكن ليس بالضرورة الانتقال إلى مقر الهيئة العامة للضرائب والرسوم الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام وإنما يوجد عدة خيارات بصدد دراستها” مؤكداً أن الهدف من ذلك “تجميع المديريات المتفرقة بعدة أماكن والتابعة لوزارة الاقتصاد وتعتبر من جسم الوزارة بهدف إيجاد بيئة عمل تتناسب مع آلية التطوير التي نعمل عليها فمثلاً اذا أردنا الربط الشبكي الإلكتروني بين هذه الأجزاء فإن تكلفة الربط داخل مبنى واحد أقل من التكلفة المقدرة في حال كان بين عدة مباني وبأماكن متفرقة والأمر بمجمله لصالح تطوير العمل خاصة مع الأعباء الملقاة على عاتق الوزارة”.
أجرت الحوار: ندى عجيب