تقول الواقعة: مدير عام سابق ومعاونه تم إلغاء تكليفهم سابقاً على خلفية فساد بكتاب صادر من رئاسة مجلس الوزراء، ليعاد تكليفهم مرة أخرى في الشركة نفسها، وليبقى لسان حال المواطن يقول«عوجا يا ما حنشوف».
وفي التفاصيل: بتاريخ 27/10/2018 صدر قرار من مجلس الوزراء بإنهاء تكليف «ط.م» كمدير عام للشركة العامة للأسمدة بدون أي سبب، ما جعل الأقاويل تكثر بأن سبب الإقالة هو الفساد وأن إقالته جاءت كاستفتاحية لخطة الحكومة في إصلاح المؤسسات العامة ومحاربة الفساد باعتبارها آفة خطيرة على المجتمع والاقتصاد والمال العام والخاص.
هذا الخبر الذي تفاءل به المعنيون في الشركة على أمل أن يذهب الماضي الملطخ ليأتي المستقبل النظيف، هذا الأمل لم يدم أياماً، بمجرد صدور قرار بتعيين «ج.ع» بتسيير أعمال المدير العام للشركة المذكورة وهو الذي كان يشغل منصب مدير عام الشركة في عام 2010 وتم إعفاؤه من منصبه بعد قرار صدر عن الرقابة الداخلية بعقوبة تفتيشية معتمدة بحقه بتاريخ 17/9/2017 أي قبل حوالي العام، ولم تتوقف القضية عند المدير «ج» ، بل إن الشخص الذي كان يشغل منصب معاونه آنذاك وتم إلغاء تكليفه بالفضيحة نفسها، عاد منذ حوالي الأسبوع ليشغل منصب مدير فني في الشركة ذاتها! والسؤال: هل من المعقول أنه لم تعد تحتوي الشركة على موظف ليست لديه «فيشة» عند هيئة الرقابة والتفتيش، أم إن سنة واحدة كفيلة بنسيان تاريخهم؟
مخالفات بالجملة
الغريب في الأمر أنه رغم السجل الحافل بالعقوبات «ج» إلا أنه تدرج كمدير على مدى خمس سنوات من مدير عام للشركة العامة للأسمدة الى مدير فني للشركة نفسها ليعود مديراً عاماً من جديد!
ومن أولى المخالفات التي قام بها «ج»  على نسخة منها قامت اللجنة الإدارية في الشركة العامة للأسمدة برئاسته –عندما كان مديراً عاماً لها- بتكبيد الشركة خسارة مالية كبيرة من خلال مخالفة دفتر الشروط الفنية بالمناقصة رقم 51 تاريخ 24-2-2013 والتي رست على أحد المتعهدين لتوريد معدات مع قطع تبديل خاصة بها، حيث قامت بإلغاء قطع التبديل خلافاً لما ورد في دفتر الشروط الفنية، كما أنه تم التأخير في إعطاء أمر المباشرة وبتلك الفترة حصل ارتفاع في أسعار سعر صرف العملات الأجنبية لكون المواد سيتم استيرادها من الخارج ما جعل المتعهد يطالب بتعديل أسعاره، وحل الموضوع بشكل ودي ولكن تم رفض الحل و عدّ المتعهد ناكلاً وتم الإعلان مرة ثانية لتأمين المواد وتمت الترسية على متعهد آخر وبقيمة مالية أكبر، لتأتي نتيجة القرار التفتيشي بمطالبة المتعهد الناكل بفارق الأسعار والتي تبلغ عشرات الملايين مع الاكتفاء بعقوبة الحسم من الأجر بنسبة 5% لمدة 6 أشهر بحق المدير العام السابق «ج» .
مخالفة دفتر الشروط ليست المخالفة الوحيدة بحق «ج» فقد قامت الشركة في عهده بشراء رافعة تلسكوبية وإدخالها واستلامها بعشرات الملايين ليتبين فيما بعد عدم قدرتها على العمل لوجود أعطال فيها فبقيت في العراء سنوات طويلة وبالتالي تكبدت الشركة خسائر مالية ضخمة تضاف الى خسائرها ليصدر فيما بعد في عام 2016 قرار تفتيشي بمعاقبة المدير العام السابق «ج» بعقوبة 5% لمدة 6 أشهر، هذا غير عقوبة حسم مبالغ مالية لثبوت تقاضيها من دون وجه حق وخلافاً للأنظمة والقوانين النافذة نتيجة صرفها من قبله كتعويض انتقال وهمي وغير منفذ، بالإضافة إلى المخالفات الكبيرة الحاصلة في المديرية الفنية التابعة له والتي بسببها أحيل عدد كبير من الموظفين إلى القضاء.
تبريرات مريبة!
ورغم وجود كل تلك الوثائق الدامغة بحق «ج» في حوزة «تشرين» إلا أننا قمنا بالاستفسار منه شخصياً عن تلك المخالفات والعقوبات المبرمة ضده، ليتبين من حديثه مدى تردده في الإجابة فبالنسبة للمخالفة الأولى التي كانت مخالفة لدفتر الشروط الفنية عدها «ج» غير صحيحة والموضوع وما فيه كان لمصلحة الشركة ومن باب التوفير ولكن التفتيش عدها مخالفة قائلاً: ارتأيت تغيير الشروط بإلغاء قطع التبديل مع الخلاطات مع اللجنة الإدارية بسبب ارتفاع سعرها ووجود قطع مشابهة لها في السوق المحلية ولكن المتعهد اعترض ونكل أي أنه خالف العقد ولم يلتزم بتنفيذه، و ثم عاد «ج» فغير أقاويله معترفاً بوجود مخالفة وبأن المخالفة صحيحة فلا يجوز الإعلان عن شيء ثم إلغاؤه في نتائج الإعلان مبرراً مخالفته بأنها كانت عبارة عن وجهة نظر ولم يكن القرار له بمفرده وإنما كان قراراً صادراً عن اللجنة الإدارية فكل ما كنا نريده هو مصلحة الشركة وليس ما سيترتب عليها من خسائر لكن نكول المتعهد هو من رتب تلك الخسائر، متسائلاً: لماذا لم يلحق التفتيش المتعهد الذي نكل ولحقنا نحن وحاول إقناعنا ببراءته أكثر بقوله: لو كانت مخالفة قطع التبديل قد أحدثت خسارة كبيرة في الشركة لما اقتصرت العقوبة التفتيشية على الحسم 5% فقط، مضيفاً: «مين في موظف بالبلد مالو معاقب بـ5% وبعدين كلها كانت لستة أشهر وانتهت المدة!».
وبالنسبة لموضوع الرافعة التلسكوبية التي لم تعمل بعد توريدها بسبب وجود أعطال فيها فبدا أيضاً تردد المدير في إجابته فاعترف بادئ الأمر بعدم عملها ومن ثم عاد فأكد أنها عملت لفترة قصيرة لم يحددها ومن ثم تعطلت فجأة مبرراً ذلك بأن الرافعة تم استجلابها عن طريق شركة «آستوماشين» بعد تزويدها بالمواصفات التي تريدها الشركة لكن بعد استلامها بفترة قصيرة تعطلت وبناء على ذلك تمت مراسلة الشركة والمتعهد لتصليحها لكن لم يكن هنالك أي استجابة منهما فهذا العطل حدث في عام 2012 وحينها لم يكن يوجد أي متعهد يقبل المجيء إلى حمص بسبب الأحداث الساخنة فيها، وفي المقابل لم يعرف أي مهندس من ذوي الخبرة في الشركة كيفية تشغيلها قائلاً: «ما خلينا حدا ما عرضناها عليه وما حدا فهم فيها»، واعتبر «المدير ج» كل تلك العقوبات مجرد شكوى فأي شخص يعمل بصدق ترد بحقه شكاوى كثيرة حتى يتوقف عن عمله وأنه ليس لديه أي مشكلة في إظهار تلك العقوبات أبداً فعندما تم ترشيحه أظهرها أمام الجميع مردفاً قوله بأن هذا لا يعني أننا لا نخطئ, فعملي كمدير يقتضي الخطأ أحياناً فأي قرار هو عبارة عن وجهة نظر!
وعن آخر مخالفة وهي تقاضي مبالغ وهمية استغرب هذه العقوبة قائلاً: «منين بيجيبو هالحكي ما بعرف»، ومن ثم عاد فاعترف مبرراً بأن المبلغ المذكور في حقه قليل بالنسبة لغيره من المخالفين وهذا المبلغ عبارة عن إذن سفر مختوم رسمياً من الجهة التي سافر إليها وهي حلب آنذاك، لكن اعتراض اللجنة كان أنه كيف تمت الموافقة بيوم السفر نفسه وهذا شيء طبيعي في عمله قائلاً: أين المشكلة إذا كنت قد أنهيت عملي وسافرت في الوقت نفسه!

تشرين