تواجه صناعة السيراميك والأدوات الصحية في سورية تحدي وخطر توقف خطوط الانتاج العاملة فيها والتي لا تشكل أكثر من ربع خطوط الانتاج منها مع توقف عدد من المعامل بشكل نهائي ما يعني خروج منتجات هذه الصناعة بشكل نهائي من السوق المحلية وعدم مساهمتها عملية الاعمار وفقدان نحو 5 آلاف عامل لفرص عملهم المباشرة و المسجلين في التأمينات الاجتماعية في هذه الصناعة والاف فرص العمل غير المباشرة من العاملين في هذه الصناعة رغم الاعلان الواضح من الحكومة بدعم الصناعة الوطنية.
فمعظم هذه المصانع أسست منذ العام 1996 وبعده مستقدمة أحدث التكنولوجيا العالمية المستخدمة في هذه الصناعة منذ ذلك الحين وهي تنتج بجودة عالية وضمن المواصفات القياسية السورية الوطنية والعالمية وهي لم تتوقف عن تحديث خطوط انتاجها وآلاتها حتى الآن و استيراد الات وتجهيزات وخطوط انتاج ومعامل هي الأحدث في العالم ومن الشركات العالمية المعروفة في صناعة هذه آلات بهدف تلبية حاجة السوق المحلية من مختلف أنواع و قياسات السيراميك والغرانيت والأدوات الصحية وسد متطلبات عملية اعادة الإعمار والاستغناء عن الاستيراد هذه المنتجات من الخارج وتوفير القطع الأجنبي واستثمار المواد الاولية وتحقيق أعلى قيمة مضافة وتوفير آلاف أخرى من فرص المباشرة وغير المباشرة.
خلال جولة للإعلاميين على منطقة الكسوة والتي تحتوي على 8 مصانع من المصانع تبدو مخاطر التوقف النهائي لهذه المعامل واضحة مع وجود العديد من خطوط الانتاج والمعامل المتوقفة الى جانب تكدس منتجات هذه الشركات بمئات آلاف الأطنان ودون وجود أي تصريف لها إلا ما ندر.
ففي شركة بلقيس لصناعة السيراميك يؤكد مدير عام الشركة عبد الرحمن أورفه لي أن الشركة التي تحتوي التي تحتوي على اربعة خطوط انتاج لا يعمل سوى خط انتاج واحد وهو مهدد الاخر بالإغلاق اذا لم يتم الاسراع باتخاذ خطوات عاجلة من الحكومة لدعم هذه الصناعة وانقاذها وخاصة ان الخطر الأكبر الذي يواجه استمرار هذه الصناعة والذي قد يؤدي الى إغلاق هذه المنشآت بالكامل هو السماح باستيراد المنتجات المثيلة لمنتجات معاملها من الدول العربية وغيرها والتي تدخل السوق المحلية بمواصفات متدنية وأسعار رخيصة نتيجة الدعم الذي تتمتع به مصانع هذه المنتجات في بلدانها وخاصة ما يتعلق بحوامل الطاقة وبخاصة الغاز التي تشكل نسبة كبيرة من مدخلات الانتاج في مقابل ارتفاع كلف الانتاج لدينا وخاصة الغاز وحوامل الطاقة الأخرى مع الاشارة الى أن هذه المنتجات تدخل السوق السورية دون رسوم جمركية بموجب اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (جافتا) والتي سورية عضو فيها.
وفي معمل زنوبيا للسيراميك الذي تبلغ عدد خطوط انتاجه 18 خطا يعمل منها 5 فقط تبدو مخاطر التوقف واضحة رغم بعض الأمل الحذر الذي ينتاب القائمين عليه مع الثقة التي يولونها بالحكومة مع ما يقومون به من تطوير لخطوط الانتاج واستقدام آلات حديثة ليس في مقر الشركة في الكسوة فحسب بل حتى في منطقة عدرا بريف دمشق حيث يقول مدير عام المعمل الدكتور خالد قبلان والذي يشير إلى الكميات الكبيرة من منتجات الشركة والمكدسة في أرضها ومستودعاتها أن مصانع السيراميك التي صمدت خلال الأزمة و استمرت بالعمل والانتاج و شكلت الى جانب الصناعات الاخرى أحد عوامل الصمود للاقتصاد الوطني تبدو اليوم مهددة اليوم بالتوقف لعدم قدراتها على تصريف منتجاتها في السوق المحلية مع وجود كميات كبيرة من منتجات السيراميك والغرانيت والادوات الصحية المستوردة والرخيصة في السوق المحلية والتي تنافس بالأسعار لكنها ذات جودة متدنية.
ويشير الدكتور قبلان إلى ضرورة وقوف الدولة والحكومة الى جانب هذه المصانع عن طريق توفير حماية لهذه الصناعة أسوة بالدول الأخرى التي تحمي صناعتها وخاصة في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد التي تتطلب تطبيق قانون حماية الانتاج الوطني داعيا إلى توفير الفرصة لهذه المصانع للمساهمة في عملية إعادة الاعمار وتأمين متطلبات هذه الحماية وتصريف هذه المنتجات وتوفير أسواق لها.
وعند وصولنا الى شركة الريف الذي يحوي 4 خطوط انتاج كان المعمل متوقفا ولا يوجد فيه سوى بضعة حراس لتوفير الحماية له لكننا استكملنا الجولة الى معمل اشبيليا وهو الاخر كانت جميع خطوط انتاجه متوقفة بالكامل مع تكدس منتجاته في مستودعاته لكننا حظينا هناك بمعاون مدير المبيعات والتسويق في الشركة هاني الشيخ الذي بين ان توقف الشركة عن الانتاج يعود لعدم وجود سوق لمنتجاتها مع المنافسة الشديدة من منتجات رخيصة ولا تتمتع بالجودة التي تتمتع بها منتجات مصانع السيراميك لافتا الى العبء المالي الكبير الذي يقع الشركة والشركات الاخرى من التوقف ودفع رواتب العمال دون عمل او انتاج و التكاليف الأخرى الباهظة تصل الى عشرات ملايين الليرات السورية
واضافة إلى خطر استيراد المنتجات المماثلة تواجه هذه الصناعة كما يقول الشيخ صعوبات اخرى تتعلق بارتفاع اسعار المواد الاولية ورسومها وارتفاع اسعار حوامل الطاقة من غاز وكهرباء ومازوت وفيول .
توضح وزارة الصناعة في كتاب لها تاريخ 4/11/2017 وجود 22 معملا مرخصا تنتج بلاط السيراميك و الديكور والنعلات و الأميال والغرانيت الصناعي والأدوات الصحية الخزفية المزخرفة تعمل منها حاليا 9 منشآت منها حسب الكتاب وتبلغ طاقتها الانتاجية 44 مليون مترا مربعا من السيراميك و740 الف متر مربع من النعلات و الاميال و335625 قطعة صحية خزفية مختلفة.
لكن وخلال الزيارة اكتشفنا أن هناك 3 معامل خرجت من العملية الانتاجية وتوقفت ذكرنا منها الريف واشبيليا اضافة إلى سيسيكو الذي تواصلنا مع إدارته التي أوضحت أن مصنعها توقف منذ أيام أي ما يعني ان هناك 6 معامل فقط تعمل ويواجهها خطر التوقف الكامل وفقدان الاف العمل لفرص عملهم ودخلهم.
أما لجنة صناعة السراميك والأدوات الصحية في غرفة صناعة دمشق وريفها والتي تمثل أصحاب المصانع أكد رئيسها عبد الرزاق سحار أن طاقة هذه المعامل كلها لو أعيد تشغيلها بالكامل تكفي لسد احتياجات السوق المحلية بالكامل ومتطلبات عملية الاعمار والاستغناء عن الاستيراد مشيرا الى ان هذه المصانع تؤكد انه لن ترفع أسعار منتجاتها.
وأشار سحار الى زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى مدينة عدرا الصناعية في بداية شهر تشرين الثاني من العام الماضي والتي اطلع خلالها على عدد من المعامل القائمة وعلى التكنولوجيا الحديثة المستخدمة فيها وشاهد توقف عدد من خطوط الانتاج فيها ووجه حينها وزيري الصناعة و الاقتصاد و التجارة الخارجية بالعمل ايجاد الحلول اللازمة لإعادة اقلاع هذه الخطوط والمعامل.
ولتحقيق هذه الغاية يؤكد رئيس اللجنة ضرورة العمل على إيقاف استيراد المنتجات المثيلة وذات المواصفات المتدنية من الدول العربية مع امكانية السماح باستيراد المقاسات والأنواع التي لا تنتجها المصانع الوطنية .
ولتمكين هذه الصناعة ودعمها أكثر وعدم توقف معاملها عن الانتاج يوضح سحار انه لابد مساعدة الدولة من خلال تخفيض أسعار المواد الأولية ورسومها المستجرة عن طريق المؤسسة العامة للجيولوجيا وأسعار حوامل الطاقة لتواكب انخفاض أسعار الصرف والعمل على توفير الغاز الطبيعي لهذه المعامل من خط الغاز العربي الذي يصل محطة دير علي في ريف دمشق وتجري دراسة ايصال هذا الخط الى المشروع 66 حيث من الممكن لحظ ايصال فروع من هذا الخط الى مواقع تجمع هذه الصناعات في منطقة الكسوة و عدرا بريف دمشق.