تقترب حكومة المهندس “عماد خميس ” من إتمام عامها الثاني في السلطة التنفيذية . لربما لم يكن هناك تحدياً لم تواجهه هذه الحكومة وقد أنهكت الحرب الاقتصاد و الخدمات والناس والمعيشة والفساد الذي كبّرَ مؤسسته وصار أكثر شراسة. برموزه الجدد والقدامى .
ثلاثون ملفا فتحتها الحكومة وكلها تحديات صعبة وغير سهلة وقد تكلف بل و” كلفت ” الحكومة نفسها الكثير لأنّ المواجهة مع أصحاب النفوذ والمال ليست سهلة خاصة عندما تقرر الحكومة وقف مطبعة “المصاري ” التي كانت تذهب سهلة الى بعض الجيوب مستفيدة من احتكار هنا وامتياز هناك وفرص تهريب بالاتجاهين الخ .
قرار الحكومة مجابهة تورم البعض من أصحاب النفوذ والمال ومن “شبك ” معهم لم يكن قرار سهلا بل لعله كان ضرباً من الجنون و الحرب ما زالت تشهد فصولاً ومواجهتها كان كفيل بتأجيل فتح معركة مع أثريائها ..
ولعل ما قاله رئيس الحكومة خلال اجتماعه مع 200 مدير عام قبل أيام بأنّه لن يُغلق ملفا يفتحه مهما كلف الثمن كان رسالة واضحة بأنّ دولة المؤسسات التي صمدت في وجه ” أحقر إرهاب ” ستتمكن من الصمود ومقاومة ” الفساد ” ولعل الكلمة غير ممل سماعها وكتابتها هذه الأيام لشعورنا بأنّ هناك من يجابهها قولا وفعلا .
المواجهة تبدو فعلا عنيفة ..
فالأموال الفاسدة توقف تدفقها من إجازات الاستيراد .. فكفكت المنظومة التي كانت تقوم على الاحتكار لصالح بعض الأشخاص . وقامت بقوننة الأمر ضمن تعليمات واضحة تقوم على المنافسة وقطع الطريق على الرشاوي وبيع الإجازات ما انعكس على الأسعار .
الضربة القوية وغير المتوقعة التي وجهتها الحكومة لمنظومة الفساد كانت في وقف العمل بنظام ” الكوتات ” وإتاحة المنافسة أمام الجميع ما أدى الى ضرب مافيات حقيقية سيطرت سنوات طويلة على استيراد بعض السلع وخاصة الاستراتيجية كالسكر على سبيل المثال وهذا ما ساعد في انخفاض أسعار العديد من السلع .
كل ذلك كان لا بدّ أن يكون سببا في حدوث مواجهة لم تعد خفية بين أصحاب المال الذين انتزعت منهم مطبعة عملة كانت تدر عليهم المليارات ” قدرت في عام 2017 لوحده ب 293 مليار ليرة كانت تذهب الى الجيوب والان تدخل أو دخلت فعلا الى خزينة الدولة .
ملف آجارت العقارات التابعة للدولة والمنظمات والاتحادات كانت الصدمة الأشد التي واجهها أصحاب النفوذ قبل أصحاب المال مع الحكومة الحالية . فقد كانت العقارات تؤجر علانية ببدلات زهيدة الا أنّها كانت مبالغ بأرقام أخرى تدفع من تحت الطاولة لبعض المتنفذين لتسهيل عملية الاستئجار لصالح البعض لسنوات طويلة .
الآن عشرات المليارات هي بدل آجارات لعقارات تابعة للدولة و مجالس مدن و بلديات أصبحت تذهب الى مقاصدها الصحيحة . على سبيل المثال المقالع التابعة للدولة كانت تؤجر ب 400 مليون ليرة الآن هي من فئة ال 11 مليار ليرة ستذهب الى الخزينة العامة
فندق سفير حمص الذي أعيد تقييم بدله السنوي من 200 ألف ليرة إلى 400 مليون في العام. وغيرها الكثير من أملاك الدولة و الجمهورية التي كانت مالا سائبا بحماية متنفذين وأصحاب مناصب للأسف قاموا بحماية فساد بحق الوطن طوال عشرات السنوات واللافت أنّ هذا الفساد كان ينتقل “توريثا ” بدليل تعاقبه لأجيال عدّة .
لم تتوقف الحكومة عند هذا الحد ويبدو أنّها لن تتوقف فما زال هناك الكثير مما تحضره لضرب المصالح الخاصة و رؤوس الفساد و الأعظم قادم ربما وبما سيفاجأ الكثيرين وأكثر من امكانيات داعميهم ربما .. فالضوء قوي جداً لضرب المصالح الخاصة التي تنمو وتكبر وثري بشكل فاحش على حساب حقوق الدولة و الشعب .
الحكومة ماضية الآن في التصدي لمعالجة موضوع مصانع تجميع السيارات التي تستورد سيارات شبه كاملة بحجة تصنيعها مستفيدة من رسوم بسيطة جدا . وفي الحقيقة ليس التجميع لدى أغلب المصانع أكثر من واجهة لاستيراد السيارات ” الممونوع استيرادها ” برسوم متدنية .
خلال أيام سيظهر إلى العلن قرارت بتصحيح مسار مصانع تجميع السيارات التي انتقدها الصناعييون أنفسهم وفي مقدمتهم سامر الدبس رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها .
في ملف القروض المتعثرة كان عمل الحكومة أكثر من محاولة استرداد أموال المصارف العامة ليمتد الحس الحكومي الى كشف شراكات خفية ومشبوهة بين رجال أعمال و متنفذين في مواقع المسؤولية أثمرت قروضا مسروقة ومنهوبة بالمليارات كلها هربت خارج البلد و أودعت بالدولار في مصارف دول أخرى وخاصة دبي وبيروت .
ولعل هذه الشراكات واستمرارية نموها وتشبيكها مع كل جديد يأتي هي السبب وراء قذف ملف القروض المتعثرة من حكومة الى أخرى حتى قررت حكومة “المتابعة ” والتي رفضت التشبيك مع منظومات الفساد كما يبدو واضحا ومؤكداً , و فتح الملف في مواجهة صعبة جدا مع ” عش الدبابير ” وتمكنت حتى الآن من استعادة ما يقارب ال 100 مليار ليرة وهناك أموال ليست بالقلية في دائرة التسوية مع المصارف الحكومية وتعبر عن قروض متعثرة أو منهوبة . بعضها تمت استعادتها من حيتان كان يعتقد أنّهم محمييون ؟؟ فشعروا أنّ أموال الناس المودعة في مصارف الدولة حق مكتسب وشرعي لهم ؟؟
قد يعتقد البعض أنّ رفع أسعار التبغ جاء نتيجة ارتفاع التكاليف وغيرها من الاسباب فقط .. ولكن في حقيقة الأمر فقد أدى قرار الدولة برفع سعر شراء التبغ من الفلاحين والمزارعين بمثابة ضربة قاسية لثلة من الأشخاص الذين كانوا يحتكرون تهريب التبغ مستفيدين من انخفاض أسعاره ولطالما وقفوا في وجه رفعها .
هل تعلمون أنّ اعادة تشغيل بعض معامل الحكومة والتي أُوقفت عمدا وليس بسبب الحرب وفي مقدمتها معمل الزجاج والسكروالحديد والورق إنما كان تقويضا لمصالح خاصة وضيقة .
الحكومة طالت في اجراءاتها مصالح خاصة كانت تمارس عبر استيراد النفط الخام .. بل وتجرأت على فتح ملف الخميرة الايراني والشاي والسلف النفطية وحتى القمح وأسعاره وقامت بضرب مصالح خاصة كانت تستحوذ على مبالغ كبيرة ومستدامة منها على حساب الوطن الذي ينزف شبابه في مواجهة الارهاب منذ سبع سنوات كاملة.. عن سيرياستيبس