27-12-2018
قدمت وزارة الاقتصاد رؤية متكاملة لرئاسة مجلس الوزراء حول برنامج العمل لسياسة إحلال بدائل المستوردات، مشيرة خلالها إلى أن المأخذ الرئيس على سياسة إحلال المستوردات يتعلق بالمبالغة أحياناً في السياسات الحمائية التي تتبعها الدول لتنفيذ هذه السياسة من خلال منع الاستيراد وفرض الرسوم الجمركية… الخ، حيث أدت هذه السياسات في بعض الحالات إلى خلق صناعات غير قادرة على المنافسة، إضافة إلى تدني جودة المنتج لذلك كان لابد من وضع أهداف لهذه السياسة تتمثل في تخفيف فاتورة الاستيراد للسلع التي يمكن إنتاجها محلياً مع تحقيق الاكتفاء الذاتي وصولاً إلى استقلالية القرار الاقتصادي.
وأكدت الوزارة في رؤيتها أن بناء سياسة إحلال للواردات يجب أن تتم بشكل ينسجم مع المنظور التنموي للمرحلة المقبلة، وخاصة ما يتعلق بالتوجه نحو الصناعات التي تشكل حوامل للنمو والتي تحمل قيمة مضافة مرتفعة.
اعتبارات
بينت الوزارة أن سياسة إحلال المستوردات يجب أن تنطلق من عدة اعتبارات، أولها أن أي استخدام للموارد الشحيحة يجب أن يتم وفقاً للاعتبارات الاقتصادية وبكفاءة مرتفعة، إضافة لذلك فإن القطاع العام غير معني بالقيام بهذه الصناعات حيث أثبت هذا القطاع أنه غير قادر على قيادة التنمية على المدى الطويل لافتقاره للمرونة المطلوبة، كما أنه يحظى دائماً بحماية الحكومات من دون اعتبارات اقتصادية كاملة، الأمر الذي يؤدي إلى تشويه الاقتصاد، ناهيك عن أن الموازنة العامة للدولة لديها العديد من الأولويات الأخرى.
ومن الاعتبارات الواجب مراعاتها أيضاً الميزة النسبية للاقتصاد السوري، ومن ثم عدم التوجه لإنتاج سلع لا يمكنها المنافسة، وعليه ليس علينا صناعة جميع متطلباتنا، وهذا ينطبق على الزراعة في الوقت ذاته.
كما أن أي إجراءات حمائية يجب أن تكون لفترة محددة زمنياً، لأن استمرار السياسات الحمائية سيؤدي إلى فشل الأسواق على المدى المتوسط ونمو الممارسات الاحتكارية، التي تصبح حقاً للمنتجين لا يمكن الرجوع عنه بعد فترة من الزمن.
ولفتت الوزارة إلى احتمال ألا تؤدي هذه السياسة إلى زيادة المستوردات بشكل كبير بدلاً من انخفاضها، مبينة أن هذا الأمر شائع الحدوث بين الدول التي اتبعت هذا النهج، بسبب زيادة الطلب على المواد الأولية أو نصف المصنعة والآلات اللازمة لهذه الصناعات، وخاصة إذا كانت هذه الصناعات منخفضة القيمة المضافة.
وشددت الوزارة على أهمية التركيز على قضايا الجودة في الإنتاج، وإلا فإن هذه السياسة ستؤدي إلى تشجيع التهريب ولن تؤدي الغرض المطلوب منها، فلو تم مثلاً التوجه إلى صناعة البطاريات، فيجب أن تكون هذه البطاريات بمواصفات تفوق أو تعادل تلك المستوردة، وإلا فإن السلع المهربة ستجد طريقها حكماً إلى الأسواق لأن المستهلك سيطلب حكماً السلع ذات الجودة الأعلى وخاصة في حالة السلع المعمرة أو المرتفعة الثمن.
خطة العمل
بينت الوزارة أنه لتلافي بعض الثغرات لابد من خطة عمل واضحة تحدد الأدوار المطلوبة بشكل واضح من جميع الأطراف المعنية، واختيار الصناعات وفق خيارين، الأول أن يتم تحديد مجموعة من السلع التي ترغب الدولة في تصنيعها استناداً إلى وزنها في المستوردات بهدف تخفيض فاتورة القطع الأجنبي، إلا أن هذا المدخل يواجه مشكلة تتمثل في وجود العديد من السلع التي يحتاجها الاقتصاد الوطني وهي غير واردة في القائمة لأنها تدخل في الترشيد ويتم تهريبها.
كما أنه لا يمكن بأي حال استبدال بعض الصناعات بشكل كامل، نظراً لأن الموضوع لا يتعلق فقط بتوافر المنتج، وإنما بسلوك المستهلك، على سبيل المثال لا يمكن أن يتوقف الطلب على الأحذية من ماركة أديداس ولو توفرت آلاف المصانع المحلية المنتجة للأحذية.
أما الخيار الثاني، فيتم بموجبه تحديد قطاعات مستهدفة بالإحلال، وذلك بالشكل الذي ينسجم مع التوجهات التنموية القطاعية للحكومة، ولقطاعات رائدة تملك مقومات النمو والتطور نتيجة توافر المواد الأولية أو العمالة الماهرة أو سوق التصريف.
على سبيل المثال، قد ترى الحكومة أنها ترغب في تصنيع أنواع جديد من الأدوية النوعية بشكل كامل في سورية، وتستغني عن استيراد الدواء، لتكون سورية رائدة على مستوى المنطقة في تصنيع الدواء، ولهذا الغرض يتم بناء سياسات لتحقيق هذا الهدف.
وأكدت الوزارة أهمية تحديد الأفق الزمني لتطبيق هذه السياسة والسياسات الحمائية المرافقة إضافة إلى تصميم الإجراءات الحمائية، وهذا الأمر يجب أن يتمتع بعناية فائقة، من جهة تحديد الإجراءات الحمائية المطلوبة، وإلا فسنقع مجدداً في فخ المراوحة في إنتاج السلع الاستهلاكية ذات الربحية المرتفعة.
كما يجب تحديد دور الدولة، إذ أن الحكومة لن تتولى مهمة الاستثمار المباشر في هذه الصناعات وسيترك الأمر برمته للقطاع الخاص، ولإنجاح هذا الأمر نرى أنه من الضروري القيام بالتسويق السليم للفرص الاستثمارية الخاصة بهذه السلع، لجذب المستثمرين وإقناعهم بجدوى الدخول في هذه الاستثمارات.
إضافة إلى تقديم التسهيلات اللازمة للقيام بهذه الاستثمارات وتخصيص أراض معلومة من قبل الدولة مع دعم سعر الفائدة للقروض الممنوحة لإنتاج هذه السلع من ضمن 20 مليار الليرة المخصصة في موازنة العام 2019.
إضافة إلى تخصيص الراغبين بمقاسم في المدن الصناعية بأسعار تشجيعية مع زيادة في عدد الأقساط وإعفاء مستوردات الآلات والتجهيزات وخطوط الإنتاج من جميع الرسوم الجمركية والمالية، والإضافات غير الجمركية في مرحلة التأسيس شريطة استخدامها حصراً لأغراض المشروع.
والأهم بحسب رؤية وزارة الاقتصاد منح المشاريع التي ستبدأ بإنتاج هذه المواد تخفيضاً ضريبياً من ضريبة الدخل يتناسب مع طبيعة المشروع ويبدأ من تاريخ بدء التشغيل مع تحديد أدوار الجهات المعنية، حيث من الضروري أن تقوم وزارة الصناعة بوضع الكلف التقديرية للصناعات المستهدفة بالإحلال، حيث تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ووزارة المالية بناء على ذلك بتصميم الحوافز ووضع السياسات الحمائية اللازمة.
السلع المستهدفة
تم الاتفاق على قائمة للمواد والسلع التي يمكن طرحها للإنتاج محلياً كبدائل من المستوردات، أبرزها الحبيبات البلاستيكية مع إنشاء مجمع للبتروكيماويات، والأدوية البشرية غير المصنعة محلياً، والأقمشة غير المنتجة محلياً (جينز، جوخ.. إلخ)، إضافة إلى زيوت نباتية خامية بدءاً من البذور النباتية، والخيوط غير المنتجة محلياً وخاصة (الكومباكت، الصنعية.. الخ)، والورق، وقطع تبديل سيارات، وآلات، وطلائح بلاستيكية، والبطاريات، والخميرة، والاطارات، وألواح الفورميكا، وحليب مجفف، وأجهزة إنارة ولمبات وليدات، وفوط صحية وأصناف مماثلة لجميع الأعمار (عجزة وكبار السن ومعوقين)، وألكيل البنزين، وقوارير زجاجية وأوان وخاصة القوارير المستخدمة للأدوية، وأحذية رياضية، وصاج بدءاً من صهر سكراب الحديد، وانفرترات، والسيليكون بدءاً من الرمال المتوافرة محلياً، وورق ألمنيوم، وألواح الزجاج بكل أنواعها بدءاً من الرمال المتوافرة محلياً، ومادة الفريت المستخدمة في صناعة السيراميك، والمصاعد وقطعها التبديلية، وجرارات زراعية.الوطن