أخبار الصناعة السورية:
إذا كانت آثار التضخم ومفاعيله طالت، خلال سني الأزمة، القطاعات والأسواق كلها، إلا أن درجتها وشدتها- حسب “ريختر” الغلاء- كانت متفاوتة بين سوق وأخرى، وتراوحت بين شديدة وشديدة جدا، كما في القطاعين السكني والعقاري، إذ أثّر ارتفاع أسعار مواد البناء عليهما على نحو مخيف، سيما لمادتي حديد التسليح والأسمنت، ومعلوم أن هاتين المادتين تشكلان محرك النشاط الرئيس لهذين القطاعين..
وللوصول إلى أسعار تقريبية لتكلفة السكن الجاهز بدءا من تكلفة الغرفة الواحدة، استطلعت “صاحبة الجلالة” أوساط المقاولين، حيث سجلت متوسط الأسعار لمواد البناء بصرف النظر عن الأسعار الشاذة صعودا أو هبوطا، حيث تجاوز سعر الطن الواحد من حديد التسليح 1.5 مليون ليرة سورية، والإسمنت 140 ألفا، ومتر الرمل 15000 ليرة، والبلوكة الواحدة 20 سم وهوردي 18 سم 425 ليرة، فضلا عن ارتفاعات جنونية في أسعار المواد الأخرى كالسيراميك والبلاط والدهانات والتمديدات الكهربائية والصحية ومنجور الخشب والألمنيوم وغيرها..
ويحتاج بناء غرفة متوسطة الجودة 300 كغ من الحديد، و60 كيسا من الإسمنت، و15 مترا من الرمل، و800 بلوكة عادي وهوردي، إضافة لتكاليف العمالة والتشغيل، التي ارتفعت بشكل مبالغ فيه، كذلك التكاليف الأخرى، وهي كثيرة جدا وبعضها ربما غير ملحوظ..
وبإسقاط الأسعار على الكميات، يكون متوسط تكلفة إشادة غرفة واحدة بحدود 2.870 مليون ليرة، كما تصل تكلفة بناء المتر المربع الواحد إلى 179 ألفا لغرفة 16 متر مربع ما يعني 8.610 ملايين لشقة من ثلاث غرف، وجرت العادة أن يحتسب المقاولون تكاليف المنافع (مطبخ، حمام، أخرى..) بما يعادل تكاليف غرفتين، أي 5.740 ملايين، وبالتالي تصل التكلفة الإجمالية لشقة من ثلاث غرف وصالة ومنافع إلى 14.350 مليون ليرة..!
وإلى جانب المواد الأساسية، تدخل في هذا الرقم تكاليف العمالة، والتي هي –وفقا لعرف المقاولين- تتراوح بين 50-100% من هذه المواد، كذلك التكاليف الأخرى الخاصة بعمليات التسليم “التشطيب” النهائي، والتي هي بحدود 25% منها أيضا، علما بأن هناك إنفاقا قد يكون غير مرئي أو ملموس..
وعندما ما ننتقل من الحديث عن تكاليف المواد، إلى من لديه القدرة على شرائها، فإننا لا بد أن نعكر مزاجنا وأمزجة من يقرأ، فالتكلفة النهائية للشقة الواحدة، أي 14.350 مليون ليرة، توازي 239 راتبا شهريا على أساس 60 ألفا لموظف “يصمد” دخله كاملا، وهذا معناه انتظار 20 عاما لتجميع هذا المبلغ، إن سمح له وانتظره صديقنا- اللدود (التضخم)، وهكذا إن فكّر أحدنا بسياسة الحصالة “المطمورة” عند عمر 20، فإنه سينتهي منها عندما يبدأ التفكير بزواج أبنائه.. إن رُزقنا وإياكم عمرا.. !!
#صاحبة_الجلالة أحمد العمار