04/07/2018
بات الفساد الحامل الرئيسي للثروات المشبوهة، وهنا لا ندعي أننا نأتي بجديد لدى إشارتنا إلى هذه الحيثية المفصلية بتاريخ ممن برعوا بإبرام الصفقات في جنح الظلام، لتأتي الأزمة وما خلفته من تداعيات أسفرت عن تهيئة البيئة المناسبة لازدياد عدد أمثال هؤلاء ممن اصطلح على تسميتهم بـ”أمراء الحروب”.
ويعكس واقع الحال تفشي العديد من المظاهر الغريبة حقيقة عن أعراف وتقاليد المجتمع السوري برمته، إذ لم تعد تخلُ أحاديث السوريين يوماً عن الفساد ورموزه، حيث بات الشغل الشاغل لهم نظراً لانعكاسه على معيشتهم اليومية، ونشير في هذا السياق إلى تموضع سورية ضمن قائمة الدول الأكثر فساداً في عام 2017 وفقاً للتقرير الصادر عن منظمة الشفافية العالمية، مع ضرورة التنويه هنا إلى عدم تبنينا لهذا التقرير الذي ربما لا يخلو من تسيس يراد به باطل، ولكن القصد من وراء ذكرنا لهذا الترتيب يأتي من زاويتين، الأولى افتراضنا أن الجهة المعدة للتقرير اعتمدت على معطيات أفضت إلى هذه النتيجة وإن كان هناك احتمالية للمبالغة بالترتيب، والثانية تنطلق من وجوب الاطلاع على مثل هذه التقارير وأخذ نتائجها بعين الاعتبار ولو من باب الاستئناس، لمعرفة صورة اقتصادنا بنظر الغير ليصار إلى تغييرها بما يخدم أوجه الاستثمار لدينا.
تذبذب
وتتذبذب حدة تفاعل السوريين خلال أحاديثهم عن الفساد صعوداً وهبوطاً بالتوازي مع أي تصريح حكومي حول هذا الموضوع، فعندما يعد رأس هرم السلطة التنفيذية باجتثاث رموزه من موظفي النسق الأول والإعلان عن أسماء من يطالهم القصاص، كما حصل أيام حكومة الحلقي، ويحصل أيضاً مع الحكومة الحالية.. ولكن سرعان ما يخبو وهج أحاديث السمر عندما يكتشف السامرون أن هذه الوعود لا تعدو أن تكون إلا دعاية إعلامية القصد منها هو التنفيس..!
إشارة
وسبق لنا أن أشرنا في أكثر من مناسبة إلى ما تم الترويج له خلال حكومة عادل سفر بالعمل على مشروعي قانوني إحداث هيئة مستقلة تسمى هيئة مكافحة الفساد، والكسب غير المشروع اللذين ناقشهما مجلس الوزراء آنذاك، حيث سطرت للأول أهدافاً تمحورت حول الوقاية من الفساد ومكافحة جرائمه وتشجيع المشاركة المجتمعية في هذا المجال، وحماية المال العام وتكريس مبدأ النزاهة والشفافية في أداء الجهات العامة، وتحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين، وتعد من جرائم الفساد في معرض تطبيق هذا القانون جرائم الرشوة وصرف النفوذ واختلاس الأموال العامة واستغلال الوظيفة العامة والكسب غير المشروع. ويتعلق الثاني بالكسب غير المشروع الذي كان من المفترض أن يندرج تحته كل مال يحصل عليه موظف أو قائم بخدمة عامة لنفسه أو لغيره عن طريق استغلال أعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو خدمته العامة، وكل زيادة في مال الموظف أو القائم بخدمة، أو مال زوجه وأولاده القصر لا تتناسب مع مواردهم ويعجز عن إثبات مصدر مشروع لها، وكل ما يحصل عليه أي شخص طبيعي أو اعتباري بالتواطؤ مع موظف أو قائم بخدمة عامة عن طريق استغلال وظيفته أو خدمته العامة، وغير ذلك من أهداف ثبت أنها مجرد شعارات ليس إلا..!
أخيراً وليس آخراً
وأمام ما سبق ذكره، نعتقد أن العمل على إصدار قانون خاص بالكسب غير المشروع ليس معنياً فقط بمتابعة تطور الوضع المادي لموظفي الدولة ولاسيما النسق الأول والثاني منهم، وإنما بمن تدور حوله شبهات جمع الثروة حتى لو كان خارج إطار الوظيفة العامة، يعد أولى خطوات رحلة الألف ميل لمكافحة الفساد، إضافة إلى كونها مقدمة منطقية لمشروع الإعمار المرتقب، وإلا سنبقى نراوح في المكان..!البعث