2018-1-24-
يكاد يجمع المختصون في الصناعة التأمينية، على أن الـتأمينات الصغيرة ومتناهية الصغر، تحقق متطلبات أغلب الشرائح الاجتماعية التي تحتاج إلى العديد من التغطيات المختلفة وخاصة في الدول النامية.
كما يجمعون على أن ذلك النوع التأميني يسهم في توسيع قاعدة المستفيدين من التغطيات التي تطرحها الشركات وزيادة حجم محافظها استناداً للقاعدة المعروفة تأمينياً بـ”الأعداد الكبيرة”، بمعنى أن تزايد عدد العملاء يحقق ربحية أعلى عبر أقل قدر من المخاطر والكلف.
هذا النوع التأميني والذي كان فاتحة الندوات التثقيفية لهيئة الإشراف على التأمين هذا العام، حيث يجري العمل على توفير كل متطلبات نجاح إطلاقه، من شأنه أن يحرك السوق التأمينية ويدعمها بمحافظ ومنتجات تأمينية، ستنعكس إيجاباً على أكثر من صعيد.
من تلك الأصعدة التي نأمل أن تنعكس عليها التأمينات الصغيرة، وتشملها على الصعيد الاستثماري ما يسمى بـ”المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر”، بما يجب أن يؤدي إلى دخول نسبة كبيرة من الاقتصاد الوطني غير الرسمي، أو ما أطلقنا عليه باقتصاد الظل، الذي كان ولا يزال خارج أية مظلة حماية ورقابة.
وبدخول “اقتصاد الظل” تحت مظلة الحماية التأمينية، سيكون التأمين الصغير ومتناهي الصغر أحد الفرص الواعدة في سوقنا التأميني، لاعتقادنا أن اقتصاد الظل في معظمه هو مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر، وبالتالي فإن دخول هذه الأخيرة لدائرة التأمين المماثل لحجمها وقيمتها هو بمثابة “ضرب عشرة عصافير بحجر واحد”.
وربما تكون المراهنة على ما سبق، لها ما يبررها، لاسيما في ضوء حالة السبات التي تشهدها هيئة دعم المشاريع الصغيرة..، واللاحس أو خبر لما كان أعلن عنه وهو: “مؤسسة ضمان المخاطر”، التي برأينا قد يكون “التأمين الصغير” بديلاً عنها، خاصة وأن الأخير يتمتع بالعديد من الميزات وأهمها: سهولة سداد التعويضات..، وعدم احتياجه لإعادة التأمين، حيث من الممكن لشركة التأمين – على سبيل المثال لا الحصر – أن تحتفظ بنسبة 100% من الأقساط.
واقع جديد من الضمانات والتطمينات التي يتوجب تكريسها تشريعياً، قد تلقى تجاوباً يؤدي بالنهاية لانتقال ما نسبته 60% من اقتصادنا، من الظل إلى النور، وما يعني هذا من تزايد النشاط الصناعي والتجاري والتشغيلي، ولعل لا يخفى على “ماليتنا” ما يعني ذلك.
لذلك فإن وجود قانون للتمويل الصغير ومتناهي الصغر، يصبح من الضرورة، لكونه سيؤدى بدوره إلى زيادة حجم نشاط المشروعات الصغيرة وبالتالي زيادة معدل نمو الأقساط المحصلة عن توفير التأمين لتلك المشروعات، وعلى التوازي ربحية الشركات نتيجة الاكتتاب في تلك النوعية من التغطيات.
إن وجود مثل هذا القانون يسهم في زيادة حجم الطلب على التغطيات وبالتالي زيادة حجم المحفظة التأمينية للشركات العاملة بالقطاع، لأن غياب الإطار التشريعي المنظم لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتدني أقساط البرامج لتلك المشروعات، يعد بحسب الخبراء أبرز أسباب تأخر شركات التأمين بالتوسع في هذا القطاع، وأن اعتراض بعضها على التوسع في توفير التغطيات للمشروعات الصغيرة، يرجع برأيهم إلى ارتفاع تكلفة المعاينة التي تكون أحياناً أعلى من نسبة القسط، رغم تمتع “متناهية الصغر” بالعديد من المزايا التنافسية مقارنة بالتعاقدات الكبرى للشركات.
وختاماً فأهمية إصدار قانون التمويل متناه الصغر، سيسمح للشركات بممارسة نشاط التمويل الصغير ومتناهي الصغر للمساهمة في البحث عن فرص عمل والحد من الفقر، من خلال تنظيم وتفعيل وسيلة تمويل يستفيد منها المواطنين البسطاء الساعين لإقامة مشروعات تجارية أو حرفية أو خدمية ممن لا تتيسر لهم القروض التقليدية.
ومثل ذلك القانون سيساهم أيضاً بدفع شركات التأمين لطرح التأمينات الصغيرة، التي بدورها ستشجع الأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الاقتراض من البنوك ، وهو ما يسهم في نجاح ونمو تلك المشروعات، ويجذب شرائح متزايدة من عملاء البنوك، وبالتالي انخفاض معدلات البطالة وزيادة نمو الدخل القومي.
فهل تكون “الصغيرة” سواء المشاريع أو التأمينات..، حلاً لمشاكلنا الكبيرة..؟!. دعوها تكون…
قسيم دحدل