بعد موافقة الحكومة علت الأصوات.. استيراد مازوت لبنان براً ينال بركة شيوخ الكار الدمشقيين وفيتو الحلبيين

كتبت الزميلة رحاب الابراهيم رئيسة القسم الاقتصادي في جريدة تشرين في الصفحة الاقتصادية حول قرار الحكومة السماح لغرفتي تجارة و صناعة دمشق باستيراد المازت برا من لبنان: كان قرار السماح باستيراد المازوت براً سيلقى الترحيب الكافي من دون «همز» و«لمز» أهل التجارة والصناعة وخاصة في ظل مطالبات سابقة باتخاذه لكن توقيته الحرج وسط أزمة محروقاتٍ خانقةٍ أضرت بالبلاد والعباد، جعلت إشارات الاستفهام تدور حوله وسط ارتفاع أسعار المازوت المستورد، حيث لا يقدر على شرائه سوى قلة قد تتحكم بالسوق وتخلق أزمة جديدة تزيد الطين بلة، فكيف ينظر الصناعيون والتجار إلى هذا القرار، وهل سيسهم فعلاً في حل مشكلة نقص المازوت أم سيفتح باباً يصعب إغلاقه بسهولة في ظل ارتفاع سعر الصرف مجدداً ليكون الاقتصاد المحلي المتضرر مرة أخرى.

قرار صائب
عارض صناعيو حلب قرار استيراد المازوت براً بسبب ارتفاع سعره الكبير خاصة وسط انقطاع التيار الكهربائي المستمر عن المناطق الصناعية بينما رحب به تجار وصناعيو دمشق، إذ يؤكد غسان القلاع رئيس غرفة تجارة دمشق صوابية هذا القرار نظراً لحاجة الفعاليات الاقتصادية كلها لهذه المادة وخاصة المعامل بغية توليد الطاقة وتشغيل المولدات  ليتمكن الصناعي من تصنيع منتجاته ضمن المدة الزمنية المحددة مع تغطية نفقاته وتكاليفه وإن كان بسعر أعلى، والأمر ذاته ينطبق على القطاع التجاري، فالحاجة في رأي القلاع متوازنة بين التجارة والصناعة لهذه المادة الأساسية التي يسهم استيرادها من قبل القطاع الخاص براً أو بحراً في تخفيف الطلب على القطاع العام وشركة المحروقات لتتمكن الحكومة من صرف جهدها على توليد الطاقة بما يكفي الحاجات المنزلية الضرورية. ويصل حد إعجاب القلاع بالقرار حد أنه تمنى اتخاذه في وقت أبكر لكونه يسهم على حد قوله في انفراج الطلب على هذه المادة في ظل تعدد المستوردين بشكل يمنع حصول احتكار للمادة.
حل إسعافي
ولا تختلف وجهة نظر سامر الدبس رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها عن القلاع إذ يؤيده في أهمية اتخاذه لضمان استمرارية الصناعة المحلية وإقلاع منشآتها بعد أزمة المحروقات الأخيرة وفقدان مادة المازوت بشكل أثر في إنتاجية المعامل وهدد بتوقفها عن العمل، ما استدعى اتخاذ هذا القرار الذي يعد حلاً إسعافياً لمرة واحدة لضمان تشغيل المعامل المتوقفة على أن تكون عملية استيراد المازوت براً بإشراف غرف التجارة والصناعة لضبط عملية الاستيراد ومنع حصول تجاوزات حولها، مشدداً على أن استيراد المازوت من أكثر من جهة يضمن حصول منافسة في السعر وعن تأثير  أسعار المازوت المرتفعة عن المعامل، أوضح الدبس أن استيراد هذه المادة براً سيزيد حتماً من سعرها، فالاستيراد بحراً أقل تكلفة عموماً لكن عامل القرب الجغرافي من لبنان جعل المستوردين يفضلون الخيار الأول، مبيناً أنه قبل عملية الاستيراد كان الصناعي يضطر إلى الشراء من السوق السوداء بأسعار أغلى، لذا يفضل تأمين المازوت في الأسواق بغية كسر أسعاره والمنافسة في السوق.
يتفق معه القلاع في تشديده على فكرة أن السوق يضبط نفسه، منتقداً اعتراض بعض الصناعيين على القرار بحجة إلزامهم بحمولة معينة كشرط أساس للاستيراد، ليؤكد أنه لا صحة لهذه الأقاويل إذ لا يوجد أي إلزام بالكميات المستوردة.
خطوة جيدة ولكن
لا يجد قرار استيراد المازوت براً الصدى ذاته عند الصناعيين الحلبيين رغم محاولتهم إمساك العصا من الوسط لمعرفتهم بحجم الصعوبات التي تواجه الحكومة، فالصناعي محمد صباغ عضو غرفة صناعة حلب ورئيس لجنة منطقة العرقوب الصناعية يرى أن القرار يعد خطوة جيدة لكنها لم تكن مدروسة بالشكل الكافي، إذ يفترض أن تنظمه ضوابط محددة تضمن تحقيق الغاية المرادة من إصداره عبر إرفاقه بإعفاء المازوت المستورد من الرسوم الجمركية البالغة 5%، على أن يكون الاستيراد بتوجيه من غرف الصناعة بغية ضبط أسعاره التي تتراوح بين 300-370 ليرة حسبما يطرحه التجار، وهي أسعار مرتفعة لا يقدر الصناعي الحلبي على تحملها، مطالباً بأن تكون هناك آلية محددة وواضحة لتسعيره من قبل الدولة منعاً لرفع أسعاره.
وبالنبرة ذاتها يتحدث تيسير دركلت نائب رئيس اللجنة الهندسية في غرفة صناعة حلب ويقول: لا توجد خيارات عديدة للاستيراد بسبب العقوبات، لذا يتم اللجوء إلى لبنان الذي يعد بلداً مستورداً للمادة في الأساس، ما يضطر الصناعي الحلبي إلى دفع تكلفة مرتفعة ليصل سعر الليتر الواحد إلى 60 سنتاً، أي بحدود 375 ليرة، وهو سعر يصعب تحمله نظراً لما تعانيه الصناعة في حلب .
رصاصة الرحمة
وضع مدينة حلب يتطلب معاملة مختلفة نظراً لخصوصيتها النابعة من أمرين أولهما تمركز الصناعات الغذائية فيها وثانيهما واقع الكهرباء السيئ فكل كيلو واط كهرباء يكلف120 ليرة، لتحمل هذه التكلفة على المنتج ويرتفع السعر على المواطن، وهو أمر سينعكس سلباً على المنشآت الصناعية المهددة بالإغلاق إذا لم تحل المشكلة جذرياً حسب دركلت الذي يوضح أن المناطق الصناعية في حلب لم تر الكهرباء منذ أكثر من تسعة أشهر، بينما واقع نظيرتها في المحافظات الأخرى أفضل بكثير حيث يمكنها الاعتماد على المازوت فقط في ساعات التقنين بينما معامل حلب ستعمل 24 ساعة على مادة المازوت، ليشدد على أن قرار استيراد المازوت براً بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على الصناعة الحلبية.
يوافقه صباغ فيما ذهب إليه بالتأكيد على أن أسعار المازوت المستورد ستؤثر في واقع الصناعة الحلبية، ما يتطلب في أبسط الأحوال معاملة مناطقها الصناعية كمثيلاتها في المحافظات الأخرى عبر تأمين الطاقة الكهربائية، وعند تحقيق ذلك يمكن استيراد المازوت عند انقطاع التيار الكهربائي.
هذه طلباتنا!
معاناة الصناعة في حلب تجعل رؤية صناعييها متقاربة حد التطابق، إذ يؤكد كل من الصناعيين دركلت وصباغ ضرورة تأمين المازوت الحكومي للمعامل أو تأمين مصادر الطاقة، ويطالب دركلت بتوليد الكهرباء في المناطق الصناعية، وهو أمر حسب قوله طرح منذ 3 سنوات لتتم الاستجابة مؤخراً من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التي رصدت مبلغاً معيناً لتحقيق هذه الغاية، مبيناً أنه عند معالجة مشكلة الكهرباء لن يطالب صناعيو حلب بالمازوت الحكومي ولا بالتجاري.
بدوره يقترح الصناعي صباغ حلاً لعدم توافر الكهرباء يتمثل في  شراء مولدات ذات أحجام كبيرة للمناطق الصناعية تحقق وفراً على الصناعي والدولة والمستهلك معاً، فالاستمرار على هذا المنوال يعني توقف المعامل لعدم قدرة الصناعيين على تأمين متطلبات استمرارها نظراً لعدم تأمين الكهرباء واستيراد المازوت بأسعار مرتفعة، على نحو يجعل تأمين المازوت الحكومي خياراً ضرورياً.
 الحل في يد الحكومة
اختلاف صناعيي دمشق وحلب بشأن استيراد المازوت براً وتقدير أهميته أوجب أخذ رأي أهل الاقتصاد لمعرفة رأيهم في هذا القرار الإشكالي، فيؤكد د.سنان ديب خبير اقتصادي أن الاختناقات التي حصلت في توريد الوقود مردها العقوبات وكذلك الفساد الذي جعل البعض يشون على الناقلات بغية حصر التوريد بهم، ما أدى إلى مصادرة عدد منها بشكل جعل الحكومة تبحث عن خيارات متعددة كحلول إسعافية لتضطر إلى القبول ببعض مطالب الصناعيين باستيراد المازوت براً ثم توزيعها على المعامل، منتقداً تلك الأصوات التي بدأت ترتفع مشتكية من ارتفاع الأسعار حيث تصل إلى حوالي 60 سنتاً لليتر، مشككاً في هذا الرقم لكونه يفوق سعر الدولة، ويتساءل إذا كان حقيقياً أم هو نوع من الابتزاز الجديد أو استمرارية لمكاسب على حساب الشعب أو طريقة لرفع سعر هذه المادة الاستراتيجية، مؤكداً أن السؤال الأهم يبقى كيف ستمول إجازات الاستيراد وكيفية تجنب تأثيرها في سعر الصرف الذي حتماً سيتأثر إن لم يمول المستوردون من أرصدتهم الخاصة أو إن لم يكن من قبل الحكومة لأنهم سيلجؤون إلى السوق السوداء وستكون بوابة جديدة لرفع سعر الصرف.
ورغم هذه الإشكاليات والتساؤلات فإن الأمر برمته يمكن للحكومة ضبطه حسب د.سنان وذلك عبر معرفة التكلفة ومنع الابتزاز خاصة أن هذا الحل إسعافي وتوريدات النفط فاضت، ويمكن أن تعود الحكومة لتأمين الحاجات وفق ضوابط رقابية.

طنـــــــاش
عشرة أيام من الانتظار لم تكن كافية للحصول على رد على اتصالاتنا وأسئلتنا التي اضطررنا إلى تمريرها في وزارة الاقتصاد عبر المكتب الصحفي الذي حولها إلى المسؤول المختص بتوجيه من الدكتور أديب ميالة الذي حصر التصريح بنفسه أو أقله المرور من خلاله أولاً للاطلاع على ما سيقوله من كلفه بالمهمة تحت مسمى دقة المعلومة التي كلفتنا قرابة عشرة أيام دون التمكن حتى اللحظة من الحصول عليها، أما وزارة الصناعة فقد أجرينا عشرات الاتصالات مع وزير الصناعة لكون موضوع استيراد المازوت براً محصوراً به شخصياً لأن القرار صادر عن اللجنة الاقتصادية ولا يعرف حتى معاونه تفاصيله من دون الظفر بسماع صوته علماً أننا حاولنا أكثر من مرة الذهاب إلى مكتبه لعلنا نحظى بلقائه أو تحديد موعد معه لمعرفة رأيه فيما ذهب إليه الصناعيون لكن ذلك ظل في إطار التمني فقط، وظل تعميم رئيس الوزراء بتسهيل حصول الإعلاميين على المعلومات حبيس الأدراج.

escort bursa, atasehir escort, bursa escort bayan, escort izmit, escort izmit bursa escort, sahin k porno kayseri escort eskisehir escort Google
Powered by : FullScreen