19/05/2018
يبدو واضحاً أنّ رئيس الحكومة يحاولُ حسم كل المعارك التي تخوضها الصناعة لصالح الصناعيين مهما صغرت هذه المعارك أو كبرت , وأين كانت هذه الجبهات , ومهما اشتدت التحديات التي وصلت أحيانا إلى مرحلة النهوض الكامل من تحت الدمار ..
يدرك المهندس عماد خميس : أنّ تحريك الانتاج يشكل مدخلا قوياً للخروج من الحرب وصوناً حقيقياً للدماء التي قدمت من أجل تحرير البلاد من الإرهاب وصون وحدتها . .
ويدرك بكثير من العمق أنّ أهم ميادين إعادة الإعمار هي في إعلاء ” راية ” الانتاج . ومن أجل ذلك كان الإنتاج ملفه الأول والمتقدم بل وراهن أنّه سيكون البوابة الحقيقية و الراسخة لتحسين معيشة الناس و “لإحداث زيادة في الدخل ” .
من أجل ذلك كان دعم العملية الانتاجية أحد ركائز سياسته الاقتصادية و”الاجتماعية ” منذ استلام الحكومة الحالية إدارة السلطة التنفيذية .
أثبت رئيس الحكومة أنّ لديه سياسة محكمة وواضحة اتجاه عملية التنمية في بلد يخرج من الحرب . بل إنّه لم ينتظر الحرب حتى تنتهي , بل قال كلما تم تحرير منطقة سنكون جاهزين للدخول إليها فوراً لنعيد سيادة الدولة ومكوناتها والبدء فورا بعملية إعادة الحياة .. ودائما كانت التنمية الاقتصادية و إحداث الحراك الاقتصادي جزءا رئيسيا في كل منطقة تدخل اليها الدولة بعد التحرير ..
لقد اعتمد المهندس خميس على إسلوب مختلف ربما لتجميع قطع “البزل ” سعيا وراء تكوين المشهد الاقتصادي والتنموي.. أحيانا وفي البداية شعرنا أنّ هناك ترتيب غير مفهوم للقطع .. ولكن مع مرور الوقت بدأ المشهد يتكون ويظهر بوضوح أكثر ..
لقد لحق رئيس الحكومة انتصارات الجيش أولاً فقد كان يدرك أهمية استهداف المناطق المحررة فوراً وعدم جدولة الدخول اليها في الروزنامات اللاحقة . فكل منطقة تتحرر تتحول إلى أولوية ويحين توقيت الدخول إليها وشيئا فشيئا بدأت الحيوية و المرونة هي ما يحرك العمل فقد امتلكت الحكومة الخبرة في استهداف المناطق المحررة ولم يعد هناك أي تردد أو تخبط ..
وهذا ما ساعد في تكريس الانتصار وإعلاء كلمة الدولة من خلال عودة رموزها واستلام مؤسساتها لميادين الإدارة والعمل بل أكثر من ذلك قدرة الدولة على استيعاب واحتضان احتياجات المجتمعات وتلبية احتياجاتها بل وتمكينها من العودة إلى نشاطاتها الاقتصادية عبر توفير دعم كامل رغم محدودية الموارد والإمكانيات .
استهداف المناطق المحررة ومعرفة التعامل اقتصاديا وتنمويا “على الأقل وضع خط البداية ” معها ومع ظروفها قابله تواجد مهم وقوي للدولة في المناطق الأمنة التي بدورها تم التعامل مع ظروفها كافة وخاصة الاقتصادية , فتم استيعاب ظروفها بكثير من الدقة وتم قيادة عملية دعم مباشر للنشاطات الاقتصادية كافة ما ساعد في إحداث حراك اقتصادي مهم خلال العامين الماضيين . وتمكنت الحكومة من توفير الظروف المناسبة لعودة آلاف المعامل والمصانع والورشات للعمل والانتاج لصالح السوق المحلية و للتصدير ” المنتجات السورية تصل حاليا الى 112 دولة في القارات الخمس “
بالمقابل بدأت اجراءات الحكومة لدعم الانتاج تنعكس على أرض الواقع من خلال تلمس انخفاض الأسعار الناجم عن مجموعة من الإجراءات والتي كان أهمها مرسوم خفض الرسوم الجمركية على المواد الاولية للصناعة بمقدار 50% , والقانون رقم 19 لعام 2017 المتضمن إعفاء الآلات وخطوط الانتاج المستوردة لصالح المنشآت الصناعية المرخصة من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم المترتبة على الاستيراد .
هذا كله بالاضافة الى الطيف الواسع من الدعم الذي تم تقديمه للصناعيين وتمكينهم من العودة للانتاج ولا زالت ورش العمل المباشرة مفتوحة بين الحكومة و الصناعيين وممثليهم , وكل يوم هناك تواصل ربما من أجل قضية هنا وأمر هناك من شأنه النهوض بالصناعة وضمان عودة الانتاج بما ينعكس على الأسعار محليا ويلبي الاحتياجات ويغني عن الاستيراد ويفتح أبواب أوسع للتصدير.
الدعم الذي تقدمه وتحاول الحكومة تقديمه للصناعة نجده في القطاع الزراعي والحرفي أيضاً . بكفي أن نشير إلى رفع أسعار بعض المحاصيل الزراعية كالقمح والتبغ وغيرها كل ذلك مع توفر متابعة مباشرة لواقع المحاصيل وتسويقها .
الحكومة التي تمضي نحو إتمام عامها الثاني تظهر قدرة على امتلاك أدوات إدارة حقيقية ومؤثرة ” ربما ليست كافية لكن عادة لا تستطيع الدول امتلاك هكذا أدوات في الحروب ” ففي سورية هناك دعم يمارس بحق الانتاج في كافة ميادينه ” الصناعة , الزراعة , القطاع الحرفي والمشاريع الريفية والأهلية وحتى الريادية ” .
وملف الدعم هذا بدأ ينمو فيه الجهد ويتراكم معطياً النتائج .. نتائج لربما لعبت دورا مهما في صد جزء مهم من الحرب الاعلامية على سورية .. فكل سلعة مكتملة انتجت في سورية وصدرت كانت بمثابة صرخة في وجه التضليل والكذب الذي يمارس على سورية منذ سبع سنوات . .
من هنا .. دعونا نقول التالي :
لا يطلب مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها من الحكومة التجديد لبعض التشريعات عبثا .. فهو عندما يطلب بتمديد القانون رقم 19 لعام 2017 المتضمن اعفاء الآلات وخطوط الانتاج المستوردة لصالح المنشآت الصناعية المرخصة من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم المترتبة على الاستيراد .
وعندما يطالب بتمديد العمل بالمرسوم 172 المتضمن تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50% عل المواد الأولية و مدخلات الانتاج اللازمة للصناعة المحلية .
وعندما يطالب الصناعيين الاستمرار بكثير من القرارات والسياسات التي اتخذتها واتبعتها الحكومة لصالح الصناعة . فهذا دليل على أنّ هناك نتائج مباشرة حصل عليها الصناعيين من جراء هذه التشريعات والسياسات وانعكست على كلف الانتاج ” الواقع يشير الى انخفاض في أسعار السلع المنتجة المحلية الالبسة والمواد الغذائية والصناعات الكيميائية وغيرها “
والسبب يعود الى أمرين مهمين الأول التشريعات التي أصدرتها الحكومة ودعمت من خلاها كلف مدخلات الانتاج
و الثاني الاستقرار في سعر الصرف بعد انخفاضه الاخير
يضاف الى ذلك عامل مهم وأساسي يتمثل في استقرار وضع الطاقة في البلاد .
على درب سنة ثالثة من عمر الحكومة الحالية ثمة ما يمكن الحديث عنه ويشكل خطوات أكثر اتساعا وتأثيرا باتجاه دعم الصناعة السورية وتمكينها .
فالحكومة تمضي جديا باتجاه الاقراض وهي قد تحركت فعلا باتجاه تخفيض الفوائد حتى 6% لفئات من الصناعيين المتضررين والمستعدين للعودة .
ونعتقد أنّها أي الحكومة ستبدأ خطوات مهمة باتجاه انعاش الصناعة في حلب وستأخذ توصيات غرفة صناعة حلب بكثير من الجدية والاهتمام . وسنشهد مؤتمرا للصناعة في العاصمة الاقتصادية .
نحن لا نحاول أن نقول أنّ وضع الصناعة و العملية الانتاجية مثالي ولكن نحاول أن نتحدث عن الجزء الممتلئ من الكأس حتى وإن لم يصل الى نصفه .. “ومتى كان الكأس ممتلئ حتى في عهد حكومات الرفاه
كل هذا تفعله الحكومة دون الاكتراث أو انتظار مؤتمرات مانحين و إعادة إعمار .. هي ترتب الأمور بطريقة تحفظ سيادة البلد حين يبدأ المال الخارجي بالتدفق وهو ما سيحصل فعلا .
تكاليف إعادة إعمار سورية كما صرح رئيس الجمهورية من 200 الى 400 مليار دولار وهذا وعاء استثماري ستتنافس عليه الدول لاحقا ومن أجل ذلك قد يكون مهما فعلا ما تقوم به الحكومة الحالية لجهة ترتيب البيت الداخلي تقوية من يعمل وينتج وتهيأة الظروف لمن يرغب بالعمل .. و صياغة ظروف سيادية لمن سيأتينا من الخارج ..
فكما قال رئيس الحكومة : “كل ما نشرعه ونكتبه يجب أن يكون قابلا للاستمرار بعد رحيلنا .. من يأتي بعدنا لا نريده أن يبدأ من الصفر ” لعله في ذلك يعترف أن الطريق طويلة وتحتاج لجهود متواصلة ومتتابعة .. ولكن بالمقابل يؤكد أنّ الانتظار لاينفع ورمي الملفات إلى الأمام هو تنصل من المسؤولية .. ومن أجل ذلك تراه يواجه ويمضي قدما في ملفات كثيرة ساخنة ومُحرقة أحيانا .. فبرأيه وحسب ما يقول ويردد ” نحن مرحلة ولا نريد أن نمضي دون أن نكون على قدر المرحلة .. مؤكدا أنّ الحكومة تدعم الانتاج صونا للسيادة و انتصارات الجيش” ؟ سيرياستبس