الموزاييك الدمشقي.. جزء من تاريخ العاصمة و سفيرها إلى العالم

يعمل اليان تابت منذ 45 عاما بمهنة “الموزاييك الدمشقي” وكل قطعة ينجزها تحكي قصة عشق تمتزج فيها مشاعره وأحاسيسه لتخرج في النهاية على شكل تحفة دمشقية تحمل تاريخ المدينة وعراقة اسمها  وهي بمثابة السفير الى بلدان العالم.

المهنة التي تجاوز عمرها الـ 300 عام تعتمد بشكل أساسي على خيال الحرفي في تطعيم الخشب وتحويله إلى أشكال فنية رائعة الجمال تدخل في صناعتها جميع أنواع أخشاب الجوز والكينا والليمون والورد الدمشقي والزان والمشمش والزيتون وغيرها.

مراسلة سانا التقت الحرفي اليان تابت في ورشته بمنطقة باب شرقي حيث أوضح أن الحرفة تحتاج إلى صبر ودقة يتوجهما الفن فهو يأخذ جذع الشجرة يقطعه بطريقة فنية إلى عيدان ناعمة بأشكال هندسية وألوان مختلفة بالاعتماد على أدوات بسيطة ثم تجمع وتغرى بلاصق خاص لتتماسك وتنتج عنها تصاميم رائعة تحمل روح وإحساس من صنعها.

ولفت تابت إلى أن القطعة الفنية المنجزة قد تكون علبة صغيرة أو قطع أثاث للصالونات أو ديكورات مكاتب أو غرف نوم أو كراسي وأبواب وغيرها تطعم بالصدف أو بالعظم ما يعطيها قيمة فنية مضافة.

تابت أكد أن “تصميم أي قطعة يحتاج أياما عدة ويظل يحلم بها ويتخيل أبعادها وكم تربعية ونجمة تحتاج وكيف ستكون مقاسات السوك فيها قبل البدء فيها” لافتا إلى أن المتعة التي يشعر بها لدى الانتهاء من إنجاز أي قطعة كبيرة جدا وكل قطعة ينهيها يشعر وكأنها القطعة الأولى.

وخلال استعراضه لمراحل وأسلوب العمل في ورشته الصغيرة التي تتناثر فيها أدوات حرفته مع الأخشاب وعشرات القطع من الموزاييك أشار تابت إلى أنه بدأ العمل في صناعة الموزاييك عام 1973 في ورشة صغيرة بمنطقة الدويلعة وفي عام 1975 انتقل إلى باب شرقي وكان لديه 13 عاملا قبل الأزمة لم يبق منهم أحد مشيرا إلى الضرر الكبير الذي لحق بهذه الحرفة نتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرض على سورية كون تسويقها يعتمد بالدرجة الأولى على السائح الأجنبي ما أسهم أيضا بتقليص عدد الحرفيين العاملين فيها وركود التسويق.

وأكد الحرفي أن الموزاييك الدمشقي حرفة لها تاريخ وعراقة لا يمكن أن تنتهي لانها تحمل اسم دمشق بتاريخها العظيم لكنها تحتاج إلى متابعة واهتمام لإبعاد الدخلاء الذين يحاولون الإساءة إليها وتشويه صورتها والتقليل من قيمتها معتبرا أن “توريث هذه الحرفة للأولاد والأحفاد بالوقت الحالي بات صعبا كون مردودها أصبح قليلا جدا ويحتاج إنجاز القطعة الواحدة إلى نحو 5 أشهر أو أكثر حسب نوعها .. وهذا الجيل يبحث عن المكسب السريع”.

فؤاد خزاقة أحد تجار الموزاييك في باب شرقي وصف الموزاييك الدمشقي بأنه فن جمع قضبانا من الخشب الملون الطبيعي بعد تشريحها وتطعيمها بالأشكال الهندسية لافتا إلى أنه قديما كان المنشار اليدوي أو “الشلة اليدوية” يدخل في صناعة الشرائح الخشبية أما الآن فأصبحنا نستخدم منشار الخشب الكهربائي والأدوات نصف الآلية لكن الحرفيين يعتمدون على العمل اليدوي في صنع القالب والقياس الذي يحتاج لخبرة كبيرة ودقة عالية.

منازل وبيوت دمشق القديمة وريفها لا يمكن أن تخلو من الموزاييك الدمشقي هذا ما أكدته صفاء آغا من سكان باب شرقي موضحة أن الحرف اليدوية تعطي قيمة للفكر البشري كونها تحاكي التراث والتاريخ العريق من خلال قطع فنية مميزة ذات قيمة عالية.

ويبقى القول إن دمشق اقدم عاصمة مأهولة في التاريخ قادرة دائما على إدهاش من يزورها بصناعتها وحرفها المتنوعة وبيوتها وأشجارها والموزاييك الدمشقي أحد أهم الحرف التي تترك أثرا لا ينمحي في ذاكرة زوار دمشق.

عن سانا – سفيرة اسماعيل

escort bursa, atasehir escort, bursa escort bayan, escort izmit, escort izmit bursa escort, sahin k porno kayseri escort eskisehir escort Google
Powered by : FullScreen