التأمين الصحي لم يـرضِ أحداً.. وخاسر« بالثلاثة»!

 2018-06-25

التأمين الصحي.. لا يرضي البائع ولا يُقنع الشاري، وكل أطراف المعادلة في هذا المشروع يشكون سوء الخدمة ويذهبون أبعد من ذلك في كيل الاتهامات لبعض من استغل خدمة التأمين الصحي في غير حالات الاستطباب، فالكثير من الأطباء يتعاملون مع حامل البطاقة التأمينية الصحية على أنه مريض من الدرجة العاشرة ويعتذرون عن استقباله لكونه لا يدفع «كاش»، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يستطيعون أن يفرضوا عليه أسعارهم الكاوية و«الفطاحل» من الأطباء لا يتعاقدون أصلاً مع شركات التأمين وليبقى التعاقد محصوراً بأطباء مغمورين، بينما الصيادلة يتلاعبون بصرف الدواء تحت عبارة «شركة التأمين لم توافق على بعض الأدوية» وحتى إنها تتهم حامل البطاقة بالتواطؤ مع الطبيب عليها وحتى مع الصيدلاني وربما مع المخبري أيضاً.. وحدها المؤسسة العامة للتأمين السورية تتحمل الخسارة تلو الخسارة «وعلى قلبها مثل العسل» لكونها تؤدي خدمة اجتماعية للعامل، كما يقول مديرها العام المهندس إياد زهراء، إنه المشروع الأكثر ضرراً على المؤسسة لأنه «خاسر بالثلاثة» وبأن أهم معاناة تواجه المؤسسة تتمثل في أخلاقيات المهنة والسلوك الوظيفي وأي محاولة سوء استخدام على برنامج التغطيات من أي جهة كانت تندرج ضمن منحى الاحتيال، وقد قامت المؤسسة العامة للتأمين السورية بتوقيف بعض المخدمين وتغريمهم وفصلهم من الشبكة.

فقدان ثقة!!

يشخص العمال واقع التأمين الصحي بالسيئ من خلال معاناة عمالهم حاملي البطاقة الصحية مع مزودي الخدمات الطبية بشكل عام، ويكشف مجهرهم، حسب أمين الشؤون الصحية في الاتحاد العام لنقابات العمال عبد القادر نحاس أن فقدان الثقة بين الطبيب والشركات المتعاقدة من حيث رفض الكثير من إجراءات الأطباء وتشخيصاتهم للحالات المرضية والاعتراض من قبل شركات التأمين على ذلك انعكس سلباً على العامل من خلال عزوف الأطباء عن التعاقد مع الشركات ولا يخفي «نحاس» أن تدني أسعار الجعالة التأمينية التي تعادل 8 آلاف ليرة وبقاءه على حاله خلال الأزمة في ظل ارتفاع أسعار الخدمات الطبية يدفع بالشركات إلى تقليص خدماتها وربما الاعتراض على كل كبيرة وصغيرة في الكشوفات الطبية وأسعار الأدوية وغيرها وهو ما ينعكس سلباً على العامل حامل البطاقة التأمينية.

ويرجع نحاس تدني الخدمة أيضاً إلى قيام الشركات الطبية ومزودي الخدمات باستبدال العديد من المستلزمات الطبية بأنواع رديئة ومستهلكة أحياناً بهدف تحقيق الربح على حساب صحة العامل إضافة إلى تضاعف أسعار الأدوية وارتفاعها ما خلق خللاً في عمل التأمين وأدى للانخفاض في سقف التغطية وأوجد صعوبات جديدة أمام العاملين، وكذلك تردد العديد من المشافي الخاصة والصيدليات والأطباء وعدم استقبال حاملي بطاقة التأمين الصحي تحت ذرائع مختلفة وإهمال المريض.

كما يرى أمين الشؤون الصحية في اتحاد نقابات العمال أن عدم تطبيق المحاسبة والعقوبات والمتابعة الدقيقة لآلية تنفيذ عقود التأمين شكل أحد أهم الصعوبات وأن عزوف الأطباء والصيادلة والمخبريين عن التعاقد واستقبال المؤمن عليهم ناجم عن احتفاظ شركات إدارة النفقات الطبية بالمبالغ والمطالبات المحولة إليها من المؤسسة السورية للتأمين في حسابها والتأخر في صرف مستحقاتهم.

وأوضح النحاس أن عدد زيارات الطبيب تم تقليصها من 12 زيارة سنوياً إلى ست زيارات وباتت تحتسب من زيارة الطبيب وحتى تحويل العامل المريض من قبل الطبيب إلى المخبر يعد زيارة والتصوير الشعاعي يعد زيارة.. بعد أن كانت بموجب عقود التأمين الصحية 12 زيارة طبيب و12 زيارة مخبري.

أُلبس الطاقية بالمقلوب

قطاع التأمين الصحي ألبس الطاقية «بالمقلوب» ولاسيما بعد تخلي مؤسسات كثيرة عن واجباتها خلال الحرب على سورية تجاه التأمين وبقيت المؤسسة العامة للتأمين السورية وحيدة في الميدان كما يقول مديرها العام المهندس إياد زهراء، ويعترف بأن الخدمة التأمينية اختلفت بين محافظة وأخرى حسب الدمار وخروج العديد من المراكز الطبية خارج الخدمة والمؤسسات المعنية.

وأضاف، كان دورنا قتالياً خلال الحرب من خلال إيصال الخدمة إلى مختلف المناطق ونجحنا في بناء شبكة عنكبوتية للنت وأصبحت لدينا مراكز طبية ومجمعات تسهل عملية الطبابة على المؤمن.

من جانبه مدير التأمين الصحي نزار زيود يتفق مع المهندس إياد زهراء ويسأل: لماذا لا تتحمل نقابات الصحة والصيادلة والأسنان دورها في مشروع التأمين الصحي؟ ويسأل عن دور وزارة الصحة المفقود في مشروع التأمين الصحي؟ ذلك أن المشروع هو مسؤولية جماعية تكاملية في أدوار العمل لضمان نجاحه وعدم تأمين الأسرة صحياً يؤدي إلى استغلال التأمين من قبل حامل البطاقة الصحية في محاولة استشفاء أحد أفراد أسرته مثلاً عبر بطاقته الصحية وبما يسيء الاستخدام لها، ويسأل زيود أيضاً، لماذا لا يؤمن المتقاعدون لافتاً إلى أن هناك من يشيطن مشروع التأمين الصحي ويستغله أبشع استغلال ويرى مدير التأمين الصحي أنه بمجرد استمرار التأمين الصحي رغم الأزمة والحرب فهو دليل تعافي الاقتصاد السوري.

استغلال مبرمج

المخبري يشكو شركات التأمين وتعجيزاتها بالموافقة وعدم الموافقة على بعض تحاليل المرضى تحت ذرائع مختلفة، فمثلاً تحاليل كان قد طلبها طبيب قلبية تحت عنوان اشتباه بألم صدري والمقصود به ألم قلبي فتعترض الشركة مثلاً بضرورة أن يغير المريض الطبيب ويراجع طبيب اختصاص صدرية وهو نوع من التعجيز مثلاً حسب أحد المخبريين المتعاقدين، وهذا مثال والصيدلاني يشكو الشركة للمريض برفض الموافقة على بعض الأدوية في الوصفة الطبية من دون تقديم المسوغات والطبيب المختص يشكو أيضاً شركات التأمين في عدم الموافقة على صرف أدويته التي يصفها للمريض وهو أعلم من الشركة بذلك ما يخلق نوعاً من الفتور في العلاقة وحتى فسخ التعاقد مع شركة التأمين من قبل الطبيب والصيدلاني والمخبري وبعضهم يحتج على صرف مستحقاته وبما يفقد الثقة بشركات التأمين وبما يدهور أحوال الصحة العامة للمؤمن عليهم.. وفي المقابل الشركات تشكو من سوء استخدام حامل البطاقة الصحية في غير أغراضها ومواقعها المحددة في استطبابات وهمية، حيث يعد مدير عام مؤسسة التأمين السورية أي محاولة سوء استخدام للبطاقة احتيالاً وأن كل أنواع التأمين الصحي يوجد فيه سوء استخدام واستكانة مقدمي الخدمات لحامل البطاقة، ويؤكد الزهراء أنه تم إيقاف وتغريم بعض «المخدمين» وفصلهم من الشبكة العنكبوتية.

وأشار زهراء إلى وجود سلوك خاطئ في الولادات باللجوء إلى العمليات القيصرية وصلت في إحدى المحافظات إلى 98% من الولادات بموجب البطاقة الصحية ولادات قيصرية، كما لاحظت المؤسسة زيادة ملحوظة في عمليات القثطرة القلبية وشبكات القلب.

إجراءات للحد من الفساد

بينما يؤكد مدير التأمين الصحي نزار زيود حالات سوء استخدام البطاقة التأمينية من خلال توقيف شبكة متكاملة عن العمل بين طبيب ومخبري وصيدلي شملت إيقاف (10) أطباء وأربعة صيادلة عن العمل وتجميد 120 بطاقة تأمين صحية لدى إحدى المؤسسات العاملة في إحدى المحافظات بسبب سوء استخدام واستغلال البطاقة الصحية في غير موقعها وأهدافها.

وتم توقيف 55 بطاقة تأمين لدى تربية طرطوس مخالفة بسوء الاستخدام و37 بطاقة في اللاذقية وكذلك توقيف 26 طبيباً وصيدلانياً بموجب مخالفات ارتكبت من قبل مزودي الخدمات وذلك نتيجة المتابعة من قبل لجنة سوء الاستخدام التي شكلت برئاسة المؤسسة العامة للتأمين وعضوية نقابات الأطباء والصيادلة وهيئة الإشراف على التأمين تأخذ قراراتها بالإجماع أو بالأغلبية على تصدير العقوبات وفي حال اعترض المعاقب ينظر بالاعتراض ويتم تعديل قرار العقوبة عن طريق اللجنة مجتمعة.

كما أوضح زيود أنه توجد حالات ومخالفات كثيرة تمت معالجتها في معظم المحافظات وللحد من سوء استخدام مشروع التأمين الصحي من قبل كل الأطراف على حد سواء أجرت المؤسسة العامة للتأمين السورية جملة من التعديلات على العقد التأميني المتعلق بالقطاع الإداري نتيجة سوء الاستخدام من قبل المتمارض ومقدمي الخدمات التي ساهمت بتضخم مبالغ التعويضات بطريقة غير مسؤولة عبّر بشكل مباشر عن سلوك شاذ في حالات طلب الاستشفاء.

وأوضح المهندس إياد زهراء أنه تم وضع التغطيات على العقد الإداري بما يتناسب مع القسط المقتطع والحاجة الطبية للمؤمن عليهم منعاً من استغلال مشروع التأمين الصحي.

مطالبات

بينما يرى الاتحاد المهني لنقابات عمال الخدمات ضرورة تعديل قانون التأمين الصحي بما يتوافق مع الظروف المعيشية الصعبة وفي ظل ارتفاع الأسعار وتضاعف فاتورة الاستشفاء على العاملين بسبب ارتفاع أجور الأطباء وارتفاع أسعار الأدوية وإعادة النظر بتسعيرة الدواء واعتماد مبدأ الشرائح عند رفع الأسعار، ويشير الاتحاد المهني لعمال الخدمات ممثلاً برئيسه نبيل العاقل إلى وجود معوقات مع شركات الضمان الصحي من حيث صرف الأدوية وضعف التغطية الصحية والتأخر في الموافقة على المعاينات الطبية من خلال الشكاوى العمالية المضاعفة بسبب رفض معظم الوصفات الطبية، حيث يطالب العاملون بضرورة التعاقد مع المشافي والهيئات المستقلة لتوفير خدمات أفضل من المشافي الخاصة.

كما يقترح العمال تحويل عقود التأمين الصحي من عقد تأمين إداري إلى عقد تأمين اقتصادي، وضرورة إعادة النظر بتسعيرة وزارة الصحة التي لا تتناسب مع الواقع ليستطيع العامل الاستفادة من العمليات الجراحية التي لا يغطيها التأمين الصحي أو تشميل تلك العمليات بالتأمين الصحي وتأمين الأدوية للأمراض المزمنة وخاصة السرطانية وصيانة الأجهزة المتعطلة في المشافي وخاصة أجهزة الطبقي المحوري، الرنين المغناطيسي وتوفير كل أصناف الأدوية وضبط ومراقبة الأسعار في المشافي الخاصة.

حلول ومقترحات

ويرى ممثلو العمال ضرورة العمل على دعم مشروع التأمين الصحي، حيث يكون قادراً على تجاوز المعوقات التي تواجه حاملي البطاقة الصحية، ويقترح أمين الشؤون الصحية في الاتحاد العام لنقابات العمال عبد القادر نحاس ضرورة رفع سقف التغطيات التأمينية، وتعديل قيمة الجعالة التأمينية البالغة 8 آلاف ليرة التي يدفع منها العامل 3 آلاف ورب العمل /5/ آلاف لعدم مواكبتها لارتفاع أسعار الاستشفاء وإلزام مقدمي الخدمات الطبية بأسعار وزارة الصحة وتعرفتها، ولاسيما من قبل المخابر ودور الأشعة والصيدليات والمشافي والأطباء المعتمدين وتفعيل دور نقابتي الأطباء والصيادلة.

ويقول أمين الشؤون الصحية: إن الأهم في كل هذا تفعيل دور الرقابة المالية ومؤسسة التأمين على عمل إدارة النفقات وعقود التأمين الصحي.

بينما يعود المهندس زهراء ليؤكد أن تجربة التأمين الصحي هي دور اجتماعي تقوم به المؤسسة العامة السورية للتأمين رغم أنها خاسرة، ويتساءل: ما البديل؟ فالبديل غير موجود في ظل تخلي نقابات الصحة عن دورها في دعم المشروع، وضرورة إعادة إحياء المرافق الطبية العامة والخاصة ضمن الأماكن المتضررة، ويقترح أيضاً السعي مع الجهات الطبية المسؤولة لاعتماد الباركود الدوائي لتخفيف حالات سوء الاستخدام واستخدام اللصاقة الليزرية والانتهاء من إعداد البروتوكولات الطبية وإيجاد التصنيف الذي يحقق المعايير للمرافق الطبية ليكون مطرح استثمار للاستفادة من توظيف الكوادر الطبية التخصصية والاستفادة من تكاليف العلاج المنخفضة على مستوى الدول المجاورة في الوصول إلى السياحة العلاجية التي تخدم التأمين.

ويرى «الزهراء» أنه لا يمكن النظر بتطوير الآلية الحالية قبل الانتقال بهذا التأمين إلى نتائج ربحية (ومادام المشروع خاسراً لا يمكن أن يتطور).

هيكلية جديدة

من الضرورة بمكان الانتقال إلى هيكلية جديدة تواكب تطور المحفظة التأمينية، كماً ونوعاً، فالاحتياجات تواكب الانتقال ولاسيما البرمجة الالكترونية بهدف تجزئة الوصفة الطبية إلكترونياً، كما يقترح مدير التأمين الصحي نزار زيود وبذلك يتمكن من خلالها مشروع التأمين الصحي من النهوض بأعبائه لمنع حالات سوء الاستخدام وضرورة تعاون الشركاء جميعاً والعمل على إحداث دوائر تأمين صحي لدى الجهات المؤمنة لدى المؤسسة بما يساعد في معالجة الإشكالية وتفعيل حلقة التواصل مع المؤسسة العامة السورية للتأمين الصحي والتواصل معها على الأرقام المعلنة وأن يتم التواصل مع شبكات النفقات الطبية وفي حال عدم تجاوبها التواصل مع المؤسسة العامة للتأمين وضرورة عقد اللقاءات والتنسيق مع المعنيين لإقامة ورش عمل توضح أهمية التأمين والحقوق والواجبات وآليات الاستخدام لرفع مستوى الوعي التأميني، إذ يؤكد مدير عام مؤسسة التأمين السورية أن حالات سوء الاستخدام التأميني مرتبطة بالوعي وليست مرتبطة بالزمن والتكرار لاستخدام التأمين.

إذ لا يمكن قبول أن يتحمل التأمين عبء علاجات وهمية بهدف الحصول على استراحة مرضية لموظف يصل معدل تكرار غيابه من 15- 20 تقريراً طبياً سنوياً.

أخيراً

مهما قيل ويقال عن مشروع التأمين الصحي وما يثار حوله يبقى مشروعاً يستحق تطويره وتفعيله بمساعدة كل الجهات المعنية المسؤولة ولاسيما وزارة الصحة والنقابات مجتمعة على اختلاف اختصاصاتها لجهة توفير المستلزمات الطبية وتحديد أجور وأسعار كشفيات الأطباء وتوفير الأدوية اللازمة بأسعار مقبولة، كما أنه لابد من إحداث هيئة طبية عامة تتولى مسألة التأمين الصحي وتكسر احتكار شركات النفقات الطبية وبما يحد من التجاوزات التي ترتكب بحق مشروع التأمين الصحي من قبل كل الأطراف على حد سواء والعمل على تأمين المتقاعدين والأسرة بما يحد من سوء استخدام المؤمن لبطاقة التأمين وإعادة الثقة المفقودة بين مزودي الخدمات الطبية وشركات النفقات الطبية حيث لا يبقى الجميع موضع اتهام بدءاً من حامل البطاقة التأمينية مروراً بالطبيب وليس انتهاء بالصيدلي والمخبري الذين يستغلون هذا المشروع ويستنزفون خيراته.تشرين

escort bursa, atasehir escort, bursa escort bayan, escort izmit, escort izmit bursa escort, sahin k porno kayseri escort eskisehir escort Google
Powered by : FullScreen